يواجه الطلاب ذوو الإعاقة في الجامعات السعودية 3 تحديات تؤثر على استفادتهم من نظام التعليم عن بعد، وهي تتمثل بتحديات تعليمية، وتحديات تقنية، وتحديات شخصية، وذلك حسبما كشفته دراسة حديثة أجراها الباحثان الدكتور تركي القريني وحنان الحارثي حول طبيعة التحديات التي تواجه هؤلاء الطلاب.

وتصدرت التحديات التعليمية والتقنية الصعوبات التي يواجهها الطلاب من ذوي الإعاقة، تلتها ولكن بنسبة أقل التحديات الشخصية.

وبينت الدراسة أن الطلبة من ذوي كف البصر وضعف البصر والذين يعانون صعوبات التعلم يواجهون تحديات أكبر تحول دون استفادتهم من نظام التعليم عن بعد.

عدم التكييف

أشارت نتائج الدراسة إلى أن أبرز التحديات التعليمية في منصات التعليم عن بعد تتمثل في عدم تكييف الرسومات والصور بالمحتوى الإلكتروني في تلك المنصات لتتلاءم مع طبيعة احتياجات هؤلاء الطلاب، إضافة إلى ضعف استخدام المحتوى الإلكتروني للبرامج الداعمة مثل عدم إتاحة استخدام (Adobe Acrobat) لقراءة مستندات (PDF)، كما أنّ تلك المنصّات لا تسمح بإعطاء وقت إضافي للطلاب ذوي الإعاقة، لأداء الواجبات المنزلية، والاختبارات، وخصوصاً لتلك الحالات التي تواجه مشكلات صحية أو حركية.

وأوضح الباحثان تركي القريني وحنان الحارثي لــ»الوطن» أنّ طبيعة برامج أو أنظمة المقررات الإلكترونية (Course Management Software) الحالية كنظام البلاك بورد لا تراعي في تصميمها طبيعة الاحتياجات الفريدة لهؤلاء الطلاب، كعدم توفر المحتوى بطريقة تمكن قارئ الشاشة من قراءته، وضعف استخدام البرامج الداعمة لمجموعة من الملفات، إضافة إلى عدم سهولة واتساق استخدام روابط التنقل في تلك البرامج، علاوة على أن قضية الوصول (Accessibility) إلى محتوى المقررات الإلكترونية بسهولة ومرونة ودون حواجز ما زالت من التحديات في تلك الأنظمة وفقاً لاستجابات أفراد الدراسة.

التحديات التقنية

تمثلت التحديات المتعلقة بالجانب التقني في ضعف الدعم التقني المقدم لهؤلاء الطلاب في الجامعات، وضعف خدمة الإنترنت من قبل مزوّدي هذه الخدمة، وقلة توفر أجهزة الحاسب الآلي وبرامجه المناسبة لديهم.

وأرجع الباحثان السبب في هذه التحديات إلى العديد من الأسباب، يريان أن أبرزها هو أن التحول السريع والمفاجئ لهذا النوع من التعليم أحدث ضعفاً في تقديم خدمات الدعم الفني لذوي الإعاقة ومعالجة المشاكل التي تواجههم للتعامل مع الأنظمة والبرامج الإلكترونية، إضافة إلى افتقار فرق الدعم الفني في تلك الجامعات إلى التدريب اللازم والفهم الكافي لطبيعة التعديلات والتكيفات التي يحتاجها هؤلاء الطلاب للوصول إلى المحتوى الإلكتروني بكل يسر وسهولة.

كما أن الصعوبات المتعلقة بتوفر وسرعة خدمة تقنية الإنترنت قد أثرت بلا شك في استفادتهم من التعليم عن بُعد في ظل هذه الجائحة، والذي يعزى إلى اختلاف توفر وسرعة وجودة الإنترنت باختلاف المناطق الجغرافية التي تنتمي إليها تلك الجامعات.

إضافة إلى أن اختلاف المستوى الاقتصادي بين هؤلاء الطلاب قد يكون له أثر على مستوى امتلاكهم لأجهزة الحاسب الآلي بطريقة لا تمكّن من أن يكون لدى كل فرد من أفراد تلك الأسر التي ينتمي لها أفراد عينة الدراسة جهاز حاسب آلي يستخدمه بمفرده.

التحديات الشخصية

أقل التحديات التي واجهت هؤلاء الطلاب من وجهة نظر الباحثين، هي التحديات الشخصية المتعلقة بالافتقار إلى التدريب على استخدام تلك المنصات الإلكترونية وضعف الدافعية في استخدامها والقيود الصحية أو الحسية أو الحركية أو العقلية التي تفرضها الإعاقة أمام استخدام تلك المنصّات.

وأوضح الباحثان أن التحديات الشخصية كانت من أقل التحديات التي واجهت الطلاب ذوي الإعاقة للاستفادة من التعليم عن بُعد في الجامعات السعودية أثناء جائحة كورونا، ويمكن تفسير ذلك بأن هؤلاء الطلاب يمتلكون القدر الكافي من إمكانية استخدام مِنصات التعليم عن بُعد بشكل مناسب، وأن القيود الصحية أو الحسية أو الحركية أو العقلية بسبب الإعاقة التي لا تشكل عائقاً كبيراً في استفادتهم من هذا النوع من التعليم في ظل ما يتيحه هذا النظام من مرونة وسهولة للوصول إلى المحتوى ودعم الوصول الشامل لهم. وكذلك تأكيد أفراد عينة الدراسة للاستمرار في الاستفادة من هذا النوع من التعليم سواء في ظل استمرار هذا الجائحة أم انقضائها.

توصيات

خلصت الدراسة إلى عدة توصيات من شأنها الإسهام في تحقيق الفائدة للطلبة منها، توفير التدريب الكافي لفرق الدعم التقني في الجامعات السعودية لتطوير الأنظمة والبرامج الإلكترونية لتتوافق مع طبيعة وخصائص الطلاب ذوي الإعاقة، والتعامل مع التحديات التي تواجههم أثناء استخدامها، وتقديم التدريب اللازم لأساتذة الجامعات السعودية حول طبيعة التعديلات اللازم إدراجها على المحتوى الإلكتروني في منصات التعليم عن بُعد لدعم الوصول الكامل للطلاب ذوي الإعاقة، وكذلك أساليب التقويم المناسبة لهم، وتطوير البنية التحتية من قِبل مُزوّدي خدمات الإنترنت في كافة مناطق المملكة، مما يضمن وصولاً سهلاً وسريعاً وعادلاً لهؤلاء الطلاب إلى منصّات التعليم عن بُعد في تلك الجامعات، إضافة إلى ضمان الجامعات السعودية توفير أجهزة الحاسب الآلي للطلاب ذوي الإعاقة الملتحقين بها وذلك عن طريق التنسيق مع الجهات الخيرية، كجمعية (ارتقاء) التي تستقبل الفائض من أجهزة الحاسب الآلي، وتعيد تأهيلها وتتبرع بها لمن لا يملكون هذه الأجهزة نظراً لظروفهم الاقتصادية، وأهمية استمرار الجامعات السعودية في تقديم التعليم عن بُعد للطلاب ذوي الإعاقة، والعمل على التغلب على تلك التحديات التي أظهرتها الدراسة وخصوصا أنّ هناك رغبة واضحة من هؤلاء الطلاب في الاستفادة من هذا النظام في المستقبل، كما أنّ هذا النوع من التعليم يضمن تطبيق مبادئ التصميم الشامل للتعلم والذي يُعد من الممارسات الحالية في مجال دعم وتعليم هؤلاء الطلاب.

توصيات لتجاوز التحديات

* توفير التدريب الكافي لفرق الدعم التقني

* التدريب اللازم لأساتذة الجامعات حول تعديلات المحتوى الإلكتروني

* تطوير البنية التحتية من قِبل مُزوّدي خدمات الإنترنت

* توفير أجهزة الحاسب الآلي للطلاب ذوي الإعاقة الملتحقين بها