قذى بعينك أم بالعين عوار ** أم ذرفت إذ خلت من أهلها الدار
حتى انتهت إلى قولها:
وإن صخراً لتأتم الهُداةُ به ** كأنه عَلَم في رأسه نارُ
وإن صخرا لمولانا وسيدنا ** وإن صخرا إذا نَشتوُ لنحَّارُ
فقال: لولا أن أبا بصير أنشدني قبلك لقلت: إنك أشعر الناس. أنتِ والله أشعرُ من كل أنثى! قالت: والله ومن كل رجل.
فقال حسان: أنا والله أشعرُ منك ومنها. قال: حيثُ تقول ماذا؟ قال: حيث أقول:
لنا الجفنات الغُر يلمعن بالضحا ** وأسيافُنا يقطرن من نجدة دما
ولدنا بني العنقاء وابنى محرق ** فأكرم بنا خالاً وأكرم بنا أبنماَ
فقال: إنك شاعر لولا أنك قلت: «الجفنات» فقللت العدد، ولو قلت:
«الجِفان» لكان أكثر. وقلت: «يَلمعن في الضحا» ولو قلت: «يبرقن بالدُجا» لكان أبلغ في المديح؛ لأن الضيف بالليل أكثرُ طروقاً، وقلت: «يقطرن من نجدة دما» فدللت على قلة القتل، ولو قلت: «يجرين» لكان أكثر لانصباب الدم، وفخرت بما ولدت، ولم تفخر بمن ولدك.
فقام حسان منكسراً منقطعاً!