حينما تصل إلى بعض المحافظات وتأخذ جولة عليها، تجد من اللوحات الإرشادية التي ترشدك إلى مستشفى ما، العديد والعديد، فهذه اللوحة قد كلفت مبلغاً، والتي تقول لك اتجه يميناً، ثم تأتيك لوحة تتبعها كُتب عليها اتجه يساراً، ثم «فوق تحت»، ثم «تحت فوق»، ثم الخروج من الدوار مع المخرج الثالث، ثم «ستضرب» المطب الأول، والذي كلف مبلغاً من ميزانية غير تلك المخصصة لتلك اللوحات الإرشادية، ثم يأتيك التشجير، وتأتيك «أطنان» المكعبات من المياه المتناثرة على جانبي الشارع لري تلك الأشجار بالتأكيد.

وبعدها وأخيراً قد كُتب لك «مدخل المستشفى»، فتظن بأنك وصلت، ولكن «لا» فهو يقصد مدخل المستشفى الشمالي، والذي ينفذ إلى إسكان الطاقم الطبي والصحي، بل وعلى «خدمات المساندة والدعم اللوجستي»، وبعدها تثق بأنك قد وصلت إلى مستشفى «ماهوب لعبة»، فتجد ذلك المدخل ويقول لك مدخل خاص بالموظفين، والمدخل الذي يليه خاص «بدخول بطاقم ترفيه أبناء الموظفين»، والمدخل الذي يليه خاص بدخول «سواقي طاقم ترفيه أبناء الموظفين»، و...... و...... و»ليست مبالغة» فيما ستجد أنه يغدق عليه بالأموال الطائلة وفي النتيجة النهائية، تجد طبيباً قد حمل في جيبه «دفتراً» من نموذج «تحويل المريض» ليحولك إلى المستشفى المرجعي لهذا المستشفى الذي رغم مساحاته الشاسعة ولوحاته الإرشادية ودواراته وبواباته وموظفيه وموظفي موظفيه قام بتحويلك إلى مستشفى أكبر منه في عدد اللوحات الإرشادية وعدد الدوارات وعدد الأشجار والأنوار والمداخل والمخارج.

وبعد أن تثق أن هناك مصروفات ونفقات مستمرة من صيانه دورية وغير دورية لمبنى ذلك المستشفى ولأجهزته وغازاته الطبية وغير الطبية من أجهزة مكتبية وإلكترونية، وكهرباء وماء ومبيدات لرش «الزرع» الواقع بمنتصف ذلك الدوار والورود بعد تلك البوابة، وكل ذلك لم يُثنِ ذلك الطبيب عن إعطائك تحويلاً لأقرب مستشفى آخر ليخلي مسؤوليته عن صرف «باراسيتامول» لك.

وفي النهاية قد يأتي يوم وتتعب من هذه الخطوط والمسافات فتضطر للذهاب لأقرب مستوصف خاص، فيعطيك علاجاً بديلاً وطريقة مناسبة لحل مشكلتك وتجد أنها بالفعل قد أذهبت ما كنت تعاني منه، فتعود لبيتك ماراً بجوار ذلك المستشفى وتلك العلامات الإرشادية والدوارت وأنت «تفضفض» لنفسك قائلاً «أحتاج الدواء أكثر من الدوار».