كما سيخبرك كل مشجع كرة القدم في العالم، هناك شيء مختلف بشأن مباريات الديربي، وضراوة التنافس بين فريقين يمكن أن تنشأ من عدة عوامل مختلفة، جغرافية وطبقية وسياسية ودينية، ولكن مهما كانت أسباب الازدراء والعداوة المتبادلة، فمن المرجح دائماً أن تكون مثل تلك المواجهات أرضاً خصبة للعنف والمواقف الغريبة، وأيضاً لتبرز متعة اللعبة الجميلة، وبوضع ذلك في الاعتبار، اخترنا بعض أكثر لحظات نزالات الديربي جنوناً التي شهدها العالم خلال العقود الأربعة الأخيرة.

القشة الأخيرة (1983)

بينما يستمتع الأورجويانيون بتبادل اللكمات، فإن الركل هو خيار الهجوم المفضل للمكسيكيين، وفقاً لمهرجان (الكونج فو) الذي شهد أحداثه ملعب الأزتيكا الشهير عام 1983 أثناء مواجهة كلوب أميركا وتشيفاز جوادا لاخارا، والمعروفة الآن باسم (شغب 83)، فمع تقدم تشيفاز بالنتيجة تحولت مباراة نصف النهائي (العنيفة بالفعل) في الشوط الثاني إلى ديربي قبح وبشاعة، انضم في تفاصيله معظم من في الملعب، وبعد مباراة مليئة بكل ما هو ضد الروح الرياضية، كانت المشاجرة هي القشة الأخيرة للحكم، الذي اختار ببساطة الخروج من الملعب في وقت استمر الفريقان في العراك.

سرقة واعتقال (1991)

دائماً ما يخلف ديربي الأوروجواي الشهير أحداثاً عنيفة بين فريقيها العملاقين بينارول وناسيونال، بيد أن مواجهة عام 1991 شهدت حادثة أكثر غرابة تفوقت على المشاجرات المعتادة، فأثناء تواجدهما في منطقة الجزاء خلال ركلة ركنية، التقطت كاميرات التلفزيون "جونزالفيز" لاعب بينارول وهو ينتزع عقداً ذهبياً من عنق خصمه "فالديز" وخبأه داخل أحد جواربه، وبينما كان الأول يغادر غرفة تبديل الملابس بعد نهاية اللقاء أعتقلته الشرطة، وأوقف لفترة وجيزة قبل أن يسحب "فالديز" الدعوى ضده بعد إعادة "جونزالفيز" للعقد، لتلقب بعدها مواجهتهما بديربي (العقد الذهبي).

ريمونتادا مذهلة (1994)

حينما تقدم المغربي بهجا كتيبة الهلال المدججة بأسماء متألقة، باتجاه عشب ملعب الأمير فيصل بن فهد لنزال ديربي العاصمة في منافسات كأس الاتحاد السعودي أمام غريمه النصر الذي اختار للقاء تشكيلة شابة عولت كثيراً على خبرة قائدها فهد الهريفي، لم يطل الانتظار لمعرفة من سيفرض تفوقه استناداً على تلك المعطيات، وبالفعل قدمت 65 دقيقة من عمر اللقاء رباعية زرقاء وضعت النصر على مشارف نتيجة كارثية، ومع بقاء أقل من 25 دقيقة بدأت معالم (ريمونتادا) نصراوية مجنونة، بدأت بتقليص رفاق الهريفي للفارق إلى هدف فقط، ومهدت إلى انتزاعهم تعادلاً مثيراً في اللحظات القاتلة.

احتفالية جدلية (1996)

من الصعب استيعاب أن الحادثة الأكثر جدلاً في تاريخ ديربي إسطنبول، بطلها رجل اسكتلندي ذو شارب كثيف، وكما يقال، هناك خيط رفيع بين الحماقة والشجاعة، ففي نهائي الكأس عام 1996 احتفل المدرب "جريم سونيس" بانتصار فريقه غلطة سراي على خصمه الأزلي فنربخشه عبر حمله علماً عملاقاً بألوان ناديه وقام بغرزه في دائرة منتصف الملعب، وعلى الفور أصبح بطلاً على جانب واحد من مضيق البوسفور وشخصا غير مرغوب فيه على الجانب الآخر، ولا يزال "سونيس" يتمتع بمحبة أنصار غلطة سراي، لدرجة إعادتهم تمثيل الحادثة تكريماً له في عام 2014.

عرض متأخر (1997)

اشتهر الحارس الدولي الألماني "ينس ليمان" باندفاعاته المجنونة من حين لآخر بعيداً عن خط مرماه، بيد أنه أخذ الأمور إلى أقصى حد في ديربي (الرور) عام 1997 عندما عادل برأسه في الدقيقة الأخيرة النتيجة لمصلحة فريقه شالكه ضد دورتموند، وأنطلق في احتفالية صاخبة، لكن "ليمان" الذي سجل هدفه الأول مع شالكه من ركلة جزاء قبلها بعامين، سرعان ما تحول من بطل محلي إلى خائن، بعد أن عبر نهر (الرور) الفاصل بين مدينتي جيلزنكيرشن معقل ناديه شالكه ودورتموند معقل المنافس التقليدي، لينضم إلى صفوف الأخير بعد موسم مخيب للآمال في إيطاليا مع ميلان.

مراهق جريميو (1999)

كانت هذه المواجهة التي لفتت انتباه البرازيل المولعة بكرة القدم لأول مرة بنجمهم رونالدينيو، وبالطبع ليس هناك مباريات أكبر من نهائي البطولة في ريو غراندي دو سول، مما جعلها مسرحاً مثالياً لمراهق فريق جريميو ليتبختر وينثر إبداعاته، وبالفعل قدم رونالدينيو عرضاً بطولياً ساعد فريقه جريميو على هزيمة منافسه التقليدي إنترناسيونال، وذهب قائد الأخير ومنتخب البرازيل السابق "دونجا" ضحية لسلسلة مهارات الفتى اليافع طوال المباراة، وبدا أن لاعب الوسط المخضرم لم يتقبل ما حدث، وانتقم بعد 11 عاماً من خلال ترك (روني) خارج تشكيلته في مونديال 2010.

رأس خنزير (2002)

على مر السنين تم قذف كثير من اللاعبين بعملات معدنية أو ولاعات سجائر، لكن رأس خنزير؟! لم يدر بخلد "لويس فيجو" أن يحدث معه ذلك في أول كلاسيكو وزيارة له بقميص الريال إلى "كامب نو" معقل ناديه السابق، وسط أجواء ملتهبة من جماهير البارشا لم تتوقف صافرات الاستهجان وقوارير المياه الفارغة والهتافات العدائية ضد (الخائن)، كما وصفوه، كان البرتغالي يستعد لتنفيذ ركلة ركنية قبل أن يظهر ما لم يتوقعه أحد، رأس خنزير رضيع يسقط على بعد أمتار قليلة منه، ذكر "فيجو" لاحقاً "كانت مباراة مهمة جعلتني أكثر نضجاً، وبالطبع كنت قلقاً بعض الشيء من أن أتعرض للأذى".

عروض نارية (2005)

ظاهرياً، لم يكن هناك شيء غير عادي بشأن بلوغ أي سي ميلان نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2003 بأفضلية التسجيل خارج أرضه، حتى تدرك أن خصومهم في نصف النهائي كانوا المنافس التاريخي الإنتر، والذين يتقاسمون معهم نفس الملعب، بعد عامين وضعت القرعة العملاقين الإيطاليين معاً في ربع النهائي، لكن هذه المواجهة كانت من جانب واحد، فاز ميلان ذهاباً 0/2 وكان متقدماً بهدف إياباً مع بقاء أقل من 20 دقيقة، في تلك اللحظة، تدخل مشجعو الإنتر، وألقوا الزجاجات الفارغة والألعاب النارية التي أصابت أحدها حارس الميلان ديدا، ليفرضوا توقف المباراة.

ديربي للنسيان (2009)

من المنصف القول إنه لا يوجد هناك "حب ضائع" بين مشجعي أوليمبيا وسيرو بورتينو، أكبر وأنجح ناديين في باراجواي بحصدهما 71 لقباً في الدوري المحلي فيما بينهما، فيما تقاسمت بقية الأندية 45 لقباً آخر، المدافع الباراجوياني السابق "داريو كاباليرو" تذوق الحياة على الجانبين، بيد أنه لن يرغب في تذكر مآثره في نسخة "سوبركلاسيكو" عام 2009، عندما اصطف مع أوليمبيا ضد ناديه السابق سيرو بورتينو، سجل المدافع أولا هدفاً في مرماه، بعدها تطلبت إصابة في رأسه بكتلة من الجليد ألقيت من المدرجات تدخلاً طبياً، قبل أن تزداد أموره سوءاً لاحقاً بطرد من اللقاء.

ترفيه مرفوض (2013)

في عرض ترابط وانسجام جماهيري نادر الحدوث في ديربي العاصمة الإيطالية الذي غالبا ما يفسده العنف الشديد غير المقبول، اتحد عشاق الغريمين الأزليين روما ولازيو بإطلاق صافرات الاستهجان لتسجيل رفضهم ضد المغني الكوري الجنوبي Psy بينما كان الأخير يحاول إثارة حماسهم وإبهاج الحضور قبل انطلاق مواجهة الفريقين خلال استعراض مباشر على إيقاعات أغنيته الشهيرة Gangnam Style، هذا ما حدث فعلياً في نهائي كأس إيطاليا عام 2013، وأظهر المشجعون وبصوت صاخب أن ما يحدث أمامهم لم يكن ترفيهاً مناسباً قبل مباراة كرة قدم مهمة.

أجواء غير آمنة (2018)

عندما تأهل ريفر بلايت وبوكا جونيورز إلى نهائي ليبرتادوريس عام 2018 عاش العالم لحظات ترقب لنسخة الديربي الأكثر أهمية على الإطلاق التي ستحدد وجهة أكبر كأس في أميركا الجنوبية، تعادل الفريقان ذهاباً بهدفين لمثلهما في "لا بومبونيرا"، وخلال توجههم إلى ملعب "مونومينتال" لخوض الإياب تعرضت حافلة بوكا ولاعبيه للاعتداء، ليتأجل النزال إلى اليوم التالي قبل أن يتأجل مجدداً بعد مطالب بوكا باللعب في ظل ظروف آمنة، تقرر بعدها نقل مباراة أميركا الجنوبية الأكثر أهمية والتي سميت على اسم حروب الاستقلال في القارة إلى مدريد، وفاز ريفر هناك 3 /1 ليحصد الكأس.