تعد اللجان شبه القضائية، أو ما يسمى بلجان فض المنازعات شكلا من أشكال العمل القضائي المؤثر المتخصص والمهم لأي جهة تنفيذية، إذ يناط بها نظر الشكاوى والدعاوى التي تكون الجهة التنفيذية معنية بها بأشكال متعددة.

ونجد أن اللجان شبه القضائية تصدر أحكاما قضائية الآثار، وتفصل في قضايا كثيرة، وقد تم اعتماد هذه الطريقة لضمان وجود كادر قضائي من أصحاب اختصاصات أخرى كالاقتصاد والتعليم والصحة وغيرها.

ولكن هذه التجربة على أهميتها، ومع كل الجهود المبذولة لإنجاحها تظل بحاجة للمراجعة وإعادة التنظيم والتقييم.

فعلى سبيل المثال يلاحظ أن هذه اللجان لا تخضع للتفتيش القضائي أسوة بالقضاء الإداري والعام. ولا شك أن التفتيش القضائي هو أهم وسائل تجويد وتحسين العمل القضائي. وأن عدم خضوع اللجان شبه القضائية لرقابة وتدقيق خارجي يسبب تراجعا في مستوى نقد الأخطاء وتصويبها، كما يعد مانعا لتبادل الخبرات وتطوير التجربة.

ومن جهة أخرى، نجد أن هذه اللجان يتم الترشيح لعضويتها من الجهة التنفيذية نفسها، ويعني هذا أنها تظل مرتبطة بالجهة التنفيذية بشكل أو بآخر، ومع اعتقادنا الجازم بنزاهة الجميع وحرصهم، إلا أن الاستقلال يبقى من أهم معايير الجودة ومن أقوى ضمانات العدالة.

ومن ناحية أخرى، فإنه متاح للأعضاء المعينين في هذه اللجان المزاوجة بين عملهم القضائي في هذه اللجان، وبين عملهم الأصلي لدى الجهات الحكومية الأخرى، ويشكل هذا نوعا من تضارب المصالح، فلعله من المفيد في هذه الحالة أن يتم تعليق أعمال العضو خارج اللجنة القضائية، أو تعليق بعض مهامه الوظيفية بشكل مؤقت، سواء كان طبيبا أو عضو هيئة تدريس، أو مدير إدارة تنفيذية أو غيرها، وذلك تحريا لأعلى درجات الحياد والموضوعية.

وختاما تبقى هذه ملاحظات عامة أقدمها هنا كمراقب، وبالتأكيد هناك ملاحظات أكثر، ومقترحات تطوير أفضل لدى الممارسين للعمل في هذه اللجان، أوالمستفيدين من خدماتها.