متمسكات بجهلهن بالقانون، وعدم درايتهن بالمتطلبات التي تفرضها الأنظمة واللوائح، تؤكد نحو 20 سيدة سعودية متزوجات في العراق أنهن لا يستطعن القدوم إلى المملكة مع عائلاتهن التي أسسنها بزواجهن من أقارب أو معارف لهن في العراق دون حصولهن على موافقة رسمية للزواج من غير سعوديين، ما أدى إلى حرمانهن من إمكانية تصديق وتوثيق عقود زواجهن في المملكة.

تقر مواطنات سعوديات متزوجات من عراقيين تواصلن مع «الوطن» بأنهن لم يتقدمن بطلبات للحصول على إذن زواج من غير سعودي، وأنهن كن يجهلن وجود مثل هذا الطلب، مشيرات إلى أن ذويهن تعاملوا مع تلك الزواجات كباقي الزواجات الأخرى، كون المتقدمين للزواج بهن إما أقارب لهن، أو معارف لأسرهن، أو تربطهن علاقات جيرة وصداقة مع العائلة، فتمت أغلب تلك الزواجات بموافقة وحضور الأهل، وتم إجراء العقود في المحاكم العراقية، قبل أن يتفاجأن بأن تلك العقود تحتاج إلى موافقة رسمية سواء للمواطن أو للمواطنة وكل السعوديين الراغبين بالزواج من أجانب سواء داخل المملكة أو خارجها.

جهل بالقوانين

«ريم» سعودية تزوجت بعراقي 5 سنوات، تقول أثناء تواصلها مع «الوطن» إن زواجها كان في العراق، وتم توثيق العقد في محكمة الأحوال الشخصية في محافظة الديوانية، وهي الآن مقيمة في مدينة القادسية بمحافظة الديوانية مع زوجها ولم ترزق حتى الآن بأطفال، وتقول «ربما هذا يجعل وضعي أيسر وأسهل من أخريات متزوجات من غير سعوديين في مثل وضعي، ولديهن أطفال».

وتضيف «كزوجة لا أستطيع السفر دون زوجي، ولو رزقت بأطفال مستقبلا فسأكون مثل كل الأمهات الأخريات، ولن أتمكن من السفر وترك أطفالي وزوجي الذين لا أستطيع اصطحابهم معي إلى المملكة».

وتكمل «وحتى لو سافرت وتركتهم في العراق، فلا أستطيع أن أضمن قدرتي على العودة إليهم، خصوصاً أن سفرنا إلى العراق ممنوع، وبالتالي من يرتكب مخالفة السفر إليه يسحب منه جواز سفره السعودي، ولو تم الأمر على هذه الشاكلة فسأصبح في بلد وزوجي وأطفالي في بلد آخر».

وتشير ريم إلى أن هذا الأمر يمنع كثيرات من المتزوجات بعراقيين من القدرة على العودة إلى السعودية كزائرات لذويهن، خصوصاً أن أزواجهن لا يتمكنون من دخول المملكة إلا لغرضي الحج والعمرة فقط، ورأت أن الخروج من هذا الأمر يتطلب توثيق عقود زواجهن الذي تم في الخارج لدى الجهات الرسمية المعنية في المملكة.

معوقات التوثيق

تكمل ريم «بُعيد قليل من عقد زواجي في العراق عدت إلى المملكة، وتوجهت بأوراقي إلى الإمارة.. كنت أجهل الأنظمة ولم يوجهني أحد إلى مراجعة وزارة الداخلية، ولم نكن نعرف أنه يفترض أن نراجع الوزارة.. وفي نفس الفترة التي كنت أنا فيها في السعودية أحاول توثيق عقد زواجي، كان زوجي في بغداد يحاول مراجعة السفارة السعودية وتقديم ملف بعقد الزواج لتوثيقه، لكن طلبه رفض لعدم الحصول على إذن مسبق».

وتضيف «بعد فترة من تلك المحاولة ظهرت سعوديات في العراق على برنامج تلفزيوني، وتم توجيههن إلى سفارة المملكة في بغداد لتقديم أوراقهن، وذهبت مع الذاهبات، وتم استلام أوراقنا، وأحالوها للجهات المعنية في المملكة، لكن تلقينا بعد ذلك نبأ رفض توثيق العقود».

وتكمل «وعدتنا السفارة برفع طلباتنا من جديد، وقد تقدمنا بطلبات جديدة، ونراجع كل فترة، لكن حتى الآن لم نجد ردا».

وتشير ريم إلى أن والدها سعودي من مواليد العراق، وكان جدها مقيما في العراق لفترة من حياته، وأن أبناءه ولدوا هناك، واستمرت علاقته مع أصدقائه العراقيين حتى بعد عودته إلى المملكة، ومن ضمن هؤلاء الأصدقاء عائلة زوجها.

جهل في غير محله

يؤكد قانونيون أنه لا يمكن الاعتداد بالجهل بالقانون لتجنب المساءلة، مشيرين إلى أن هذه القاعدة القانونية ثابتة في معظم التشريعات والقوانين، وأن الجرم متى وقع عقب صدور القانون فإنه يصبح تحت طائلة المساءلة، وأنه لا يمكن لأحد أن يعتذر بجهله بأحكام القانون للتملص من المسؤولية المترتبة على ذلك، وإلا فإن أحدا لن يُسأل عن فعله المخالف لأنه سيتذرع بجهله بالقانون الذي يصبح سارياً بمجرد نشر أحكامه في الجريدة الرسمية (صحيفة أم القرى) في المملكة.

والنشر في الجريدة الرسمية والذي يفترض بمجرد نشره علم الكافة به، يعد آخر مرحلة من مراحل اعتماد القاعدة القانونية التي تجعلها ملزمة، ولا يقبل من أحد «الاعتذار بالجهل» بهذه القاعدة ليفلت من تطبيقها والخضوع لأحكامها.

وبناء على هذا، لا يمكن لعائد إلى الوطن، أو لموجود خارجه، أن يتعذر بجهله بالقانون الذي يسري في حقه، بحجة صدوره حال وجوده خارج البلاد، كما لا يقبل نفس العذر من شخص أميّ بحجة أنه لا يستطيع قراءة الجريدة الرسمية التي نشر فيها القانون.

ولعل مآل هذه القاعدة ينحصر في المساواة بين الأفراد أمام القانون الذي يجب أن يطبق على الجميع، ولا يجوز لأحد أن يفلت من حكمه لأسباب خاصة به، كعدم علمه به، أو ادعائه عدم العلم به، لأن القول بغير ذلك يعني الإهدار الكامل للغاية من إنشاء القواعد القانونية.

ممنوعون من الأجانب

يرى المحامي، المستشار القانوني هشام الفرج أنه على الرغم من مخالفة ريم ومثيلاتها بعدم حصولهن على إذن للزواج من غير سعودي، وهو ما يخالف لائحة زواج السعودي أو السعودية من غير سعودية أو سعودي، وهي اللائحة الصادرة بالقرار الوزاري رقم 6874 وتاريخ 20 /12 /1422، إلا أن المادة العاشرة من اللائحة نفسها أعطتهن إمكانية الحصول على استثناء لإجازة زواجهن، وهي تنص على أنه:

«لوزير الداخلية إجازة الزواج الذي يتم بالمخالفة لأحكام المادة الثانية، أما المستثنون بالمادة الأولى فلا يتم إجازة زواجهم إلا بناء على أمر من المقام السامي».

ويوضح الفرج «تحدد اللائحة فئة يمنع منعا باتا زواجها من الأجانب، وهم الوزراء ومن في مرتبتهم، وشاغلوا المرتبة الممتازة والمرتبتين الرابعة عشرة والخامسة عشرة، وأعضاء السلك القضائي في وزارة العدل، وديوان المظالم، وكتاب العدل، وموظفو الديوان الملكي ومجلس الوزراء، وأعضاء مجلس الشورى، وموظفو وزارة الخارجية الدبلوماسيون والإداريين، والموظفون العاملون خارج المملكة، ومنسوبو القوات المسلحة في وزارة الدفاع والطيران والحرس الوطني، وقوات الأمن الداخلي، سواء أكانوا ضباطا أو أفرادا، والعاملون في المباحث والاستخبارات العامة من عسكريين أو مدنيين، وجميع الطلاب الذين يدرسون بالخارج سواء أكانوا مبتعثين من قبل الحكومة، أو يدرسون على حسابهم الخاص، ورؤساء مجالس الشركات المساهمة والأعضاء المنتدبون للشركة، وموظفو وزارة الدفاع والطيران ووزارة الداخلية والحرس الوطني بجميع قطاعاتها من المدنيين، وأعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام، وموظفوا الجمارك، والموظفون الذين يشغلون وظائف ذات أهمية خاصة وفقا لما تراه مراجعهم».

تصحيح الوضع

يضيف الفرج أن الأشخاص الذين ليسوا من ضمن الممنوعين من الزواج بموجب المادة الأولى والتي حددت الفئات الممنوعة من الزواج بغير سعوديين، لهم التقدم بطلب الإذن قبل الزواج إلى وزارة الداخلية للإذن لهم، كما لهم التقدم وفق المادة العاشرة بالتقدم بطلب إلى وزير الداخلية لتصحيح وضعهم، مشيرا إلى أن التقديم يكون ابتداء في الإمارة التي يسكن مقدم الطلب في نطاق اختصاصها الإداري، حيث يعبئ بعض النماذج الرسمية، ويقدم خطابا بطلبه، وأهم الأوراق المطلوبة تعرفة بالراتب والمهنة لطالب الزواج والطرف الآخر، وموافقة الولي على طلب زواج المرأة، وأي تقارير صحية أو وثائق مؤيدة لطلب الزواج من الخارج، وبعد استيفاء جميع الوثائق في الإمارة يتم إحالتها للجنة المختصة بنظر الطلبات التابعة لوزارة الداخلية ومقرها مدينة الرياض، وبعد صدور الموافقة يتم إرسالها إلى السفارة السعودية المعنية لتصديق عقد الزواج، أو إرسالها للمحكمة المختصة داخل البلد في حال كان طرفا الزواج مقيمين في المملكة.

جزاءات مخالفة اللائحة

تشدد اللائحة على أنه إذا ما تبين للجهات المختصة في السعودية أن زواج أي رجل سعودي بامرأة غير سعودية، أو زواج أي امرأة سعودية برجل غير سعودي قد تم بالمخالفة لأي من أحكام اللائحة فستتم محاكمة المتزوج - سواء كان رجلا سعوديا أو امرأة سعودية - تأديبا لدى ديوان المظالم، إضافة إلى عدم توثيق هذا الزواج من قبل الجهات المختصة السعودية، وكذلك عدم السماح بدخول الزوجة أو الزوج الأجنبي إلى المملكة، وإنهاء إقامة الزوجة أو الزوج الأجنبي في حال إذا ما كانا مقيمين داخل المملكة.

ولوزير الداخلية إجازة أي زواج يكون قد تم بالمخالفة لأي من أحكام اللائحة، ما عدا حالات زواج الفئات المحظورة بموجب هذه اللائحة، فلا تتم إجازة زواجهم إلا بناء على أمر يصدر من المقام السامي.

​من شروط زواج السعودية من أجنبي

- ألا يقل عمر الراغبة بالزواج من غير السعودي عن (21 سنة) ولا يزيد عن (50 سنة) في حال كان الخاطب من مواليد المملكة

- ألا يقل عمرها عن (25 سنة) ولا يزيد عن (50 سنة) في حال كان الخاطب ليس من مواليد المملكة.

- ألا يكون فرق العمر بين طالبي الزواج أكثر من (15 سنة).

المخالفات للائحة زواج السعودي من غير سعودية والسعودية من غير سعودي

أي زواج يتبين لدى الجهة المختصة مخالفته لأحكام اللائحة يترتب عليه:

( أ ) محاكمة المتزوج تأديبيًا لدى ديون المظالم

(ب) عدم توثيق الزواج من قبل الجهات المختصة السعودية

(ج) عدم السماح بدخول الزوجة أو الزوج الأجنبي إلى المملكة وإنهاء إقامتهما إذا كانا مقيمين داخل المملكة