هناك خبر جلل انتشر بشكل تشويقي قبل أن يكون تسويقيا على أغلب الحسابات الرسمية لأغلب الوزارات، وكأنه أول قطرة من غيث سيكون فيضانا لحملة تثقيفية وتشجيعية تنتهي بالتمهيد المبدئي لأول خطوة في المشروع.

ولكن ببساطة ظهر على حساب وزارة الزراعة، أنه تم البدء بعملية تشجير في قرابة 165 موقعا متفرقة في أنحاء المملكة، منها 37 موقعا تتبع للوزارة، وتم أخذ صور لبعض مسؤولي الوزارة في مناطق مختلفة وهم يقومون بـ»غرس فسيلة».

ولكن المفاجأة أن هذه الصور التي اعتدناها منذ كنا أطفالا، ليست سوى الانطلاقة الفعلية لبدء زراعة 10 ملايين شجرة، وهذا الرقم فلكي بكل المقاييس ويستحق الظهور ليس إعلاميا بل أن يزرع في عقل كل مواطن ومقيم ضخامة هذا المشروع الذي تحدثت عنه وسائل إعلام دولية كـ(روسيا اليوم) وغيرها، ولكن بماذا تحدثت؟.

من يقوم بالبحث عن متحدثين عن هذا المشروع الضخم، سيجد فقط متحدثين غير رسميين وليسا من الوزارة يقومان بشرح وتحليل ضخامة هذه الخطوة، وكيف أنها ستكون نقلة نوعية في تغيير تلقبات المناخ ودرجات الحرارة، وعدة عوامل تمس الحياة الأساسية للإنسان على أرض مملكتنا الغالية، ومع ذلك لن تجد أحدا ممن يمس حياتهم هذا الأمر، يتحدث كما يتحدثون عن فتاة حضرت لسوق الإبل، أو مشهور سناب تطلق أو تزوج أو حتى وإن «تغدى بروست».

هذه الإنجازات الضخمة والتي تصرف عليها حكومتنا الرشيدة «دم قلبها» في مثل هذا الوقت وأثناء جائحة كجائحة كورونا والتي جعلت دولا عظمى تتوقف حتى عن علاج مرضاها فما بالك بمزارعها، ومملكتنا تطلق هكذا مشروع، والذي يمس كل مواطن ومقيم على هذه الأرض، فحري به أن يصل إلى كل هاتف وكل «سناب شات» وكل «تك توك» فما بالك بكل شاشة رسمية، وليس في هذا الوقت بل قبل إطلاق المشروع بمدة تجعل كلا منا يعلم حتى مدى تأثير رمي «علبة الشيبس» الفارغة على الأذى البيئي الذي قد تسببه وكيف يكون على علاقة بالتصحر، وماهو التصحر، بل وماهو سبب تصبب عرقنا في طريق الملك فهد بالرياض وعلى شاطئ العقير بالشرقية وفي مصفاة أرامكو بـ»خريص» و..... و..... بما يشرح لي أنني مسؤول عن بيئتي بنفس مسؤولية وزير الزراعة عنها، مما يجعلني شريكا حقيقيا في نجاح هذه الحملة أو المبادرة أو فشلها. ما أريد قوله إن أطفالنا ومراهقينا مثقفون جدا فيما يخص الأحداث العالمية والتي استطاع الإعلام أن يوصل لهم من الثقافة ما يريد وبطريقة تلائمهم، وهي ثقافات لا تسمن ولا تغني من جوع، فكان الأولى أن تصل وزارة الزراعة إلى كل من هؤلاء، حتى ولو كان من خلال التعاون مع وزارة التعليم لبث حلقات مقاطع تثقيفية عن طريق «المنصة» أو «البلاك بورد» للجامعات أو غيرها من وسائل التعليم عن بعد، وما دامت الثقافة عن الشيء قبل وصولك له تجعلك على قدرة على التعامل معه، فـ(كيف نزرع الثقافة يا وزارة الزراعة؟).