الانكشارية هي قوات تم إنشاؤها في زمن الدولة العثمانية البائدة، حيث كانت تعد من قوات النخبة بالجيش العثماني، وتأسست في عهد السلطان مراد الأول (1362 - 1389) حيث كان أفراد الانكشارية هم من مخلفات الحروب من الأسرى والأطفال الذين تم فصلهم عن ذويهم وأصولهم، ليتم إنشاء هوية جديدة لهم، في عالم خاص يكون فيه السلطان والدهم الروحي، يقاتلون ويُقتلون في سبيل أهدافه، وأن يكون القتل صنعتهم الوحيدة.

وهذا ما يسعى إليه النظام التركي الحالي في إنشاء قوات انكشارية جديدة، عبارة عن مرتزقة وقتلة مأجورين، يكون القتل صنعتهم الأساسية، ويكون ولاؤهم لشيطانهم الأكبر الذي يرميهم في نار كل بلد تشتعل به نار الحروب ويسعى لاحتلاله بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، من خلال دعم عملائه الخونة الذين يشاركونه حلمه البائد، في إنشاء إمبراطوريته الكرتونية، فجند آلاف المقاتلين السوريين وغيرهم، ليكونوا وقودا لحروبه الشعواء التي أشعلها في بعض الدول التي تعيش بالحد الأدنى من الأمن في ظل صراعاتهم القبلية والعرقية والمذهبية، التي أدت إلى التأجيج السياسي والانحدار الاقتصادي، فسخر هذه الفوضى لنهب ثرواتهم لتغذي حروبه الجائرة، التي خلفت آلاف القتلى والمشردين والدمار الشامل، فشرد العوائل الآمنة من أراضيها في سبيل تحقيق حلمه وأطماعه.

ما زال هذا الأراقوز العثماني يتلاعب بعواطف كثيرين، عبر عباراته الرنانة الجوفاء ووعوده الكاذبة، التي يطلقها أمام حزبه ومؤيديه وينشرها عبر الوسائل الإعلامية التابعة له لتصوير ما يحدث على أنه جهاد في سبيل الله، واستمرار للفتوحات الإسلامية، التي يدعي أن أسلافه لهم الفضل بها وفي نشر الرسالة المحمدية ورفع راية الإسلام، في محاولة لطمس الهوية العربية من كل ما هو إسلامي، وترسيخ الشخصيات العثمانية المجرمة في التاريخ الإسلامي وتصوير العرب بأنهم رعاع لا هوية لهم سوى رعي الأغنام وأنهم بلا تاريخ، وأن الفضل يعود لهم في النهضة العربية والإسلامية، عبر احتلالهم الذي دام مئات السنين مخلفاً وراءه الجهل والتخلف وتحريف العقيدة الإسلامية، ونشر البدع في شتى أنواعها، فكانوا وما زالوا يسعون لطمس الهوية العربية وتحريف العقيدة الصحيحة حسب أهوائهم وأهدافهم الهدامة.

تم استخدام السلاح الإعلامي بطرق مدروسة جيداً، في ظل غياب الوعي المجتمعي عما تحتويه هذه الرسائل الإعلامية بشتى طرقها من تسميم الفكر العربي والإسلامي بالخزعبلات التي يبثونها عبر كتبهم ومراجعهم التاريخية الملفقة زورا وأعمالهم التلفزيونية التي أشبه ما كان يرويها الحكواتي للبسطاء وما يتراقص به الأراقوز للسذج، لتلويث عقولهم بهذه الأكاذيب التي يشرف على صناعتها حزبه المتهالك ويتلقى الدعم الكبير لإنجازه، عبر بعض المؤسسات الإعلامية التي تتبنى أفكاره الهدامة.

أصبحنا نعيش في زمن نكون أو لا نكون في ظل هذه التحديات التي تواجه أمتنا العربية والإسلامية من مخاطر الفكر الإردوغاني وأذرعه الفاسدة المزروعة في وطننا العربي، بكافة تشكيلاته ومسمياته الشاذة عن عاداتنا العربية وتعاليمنا الإسلامية، فأشعلت قياداتنا العربية والإسلامية ثورة فكرية لمحاربة هذا الفكر الفاسد والدخيل علينا، عبر دعم مؤسساتنا التعليمية والإعلامية وتنظيفها من كل ما هو إخواني أو عميل لهذا التنظيم الإرهابي المتطرف، فأصبحنا نرى هويتنا العربية والإسلامية بكل وضوح بعيداً عن هذه الشوائب التي كانت عالقة به وتنخر بأسسه.