بدأ شهر أكتوبر وتصاعدت معه حالات الإصابة بـ كوفيد-19 حول العالم لتصل للبيت الأبيض ويصيب فيروس كورونا الجديد رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وعددا من أفراد أسرته وبعض مستشاريه، وكأن حالة الصخب السياسي غير المسبوق الذي تعيشه أمريكا مع قرب الانتخابات الرئاسية لم تعد كافية والجدل والدعاية السياسية المصاحبة للانتخابات تفتحت لها أبواب أخرى!.

أحد العلاجات التي ما زالت تحت التجربة وكان يتلقاها الرئيس ترمب (REGN-COV2) والذي وصفه فيما بعد بالعلاج السحري، الريجينيرون عبارة عن علاج بالأجسام المضادة مصمم لينتج هذه الأجسام المضادة والتي بدورها تحفز الجسم ليحارب الفيروس، وهو علاج ما زالت الأبحاث السريرية تجرى عليه وقد تمت دراسته على ما لا يزيد عن 300 مريض لذا لا يمكن الجزم بمدى فعاليته في علاج كوفيد-19 بشكل عام أو على حالة الرئيس بشكل خاص!

الإحصائيات والدراسات الاستقصائية تؤكد أن غالبية المصابين بـ كوفيد-19 تتراوح شدة إصابتهم ما بين الخفيفة والمتوسطة ولا تحتاج لأي تدخل طبي سوى أدوية تخفف من الأعراض وتساعد الجسم على مقاومة المرض والقضاء عليه وأغلبهم يتعافون في غضون أيام قليلة لا تتجاوز الأسبوعين، بينما نسبة لا تتجاوز 15% يصابون بأعراض شديدة تستلزم التنويم بالمستشفى، وقد تحتاج لمدة طويلة للتعافي ومنها قرابة الـ4% تحتاج لعناية فائقة والنسبة الأقل منهم يفقدون حياتهم جراء الإصابة، وبالنسبة للرئيس ترمب فقد قرر فريقه العلاجي فور تأكيد إصابته نقله للمستشفى لتلقي العلاج ضمن خطة علاجية تتضمن علاجات متعددة وخليطا من الأدوية بعضها معتمد والآخر ما زال قيد الدراسة والتجربة.

لم يكن الريجينيرون وحده فقد تلقى الرئيس ترمب الديكساميثازون (Dexamethasone) وهو أحد الأدوية الاستيرودية (Steroids) المعروفة منذ أكثر من نصف قرن بفعاليته، والذي أكدت الدراسات السريرية قدرته على تقليل نسبة الوفيات للثلث في المرضى المنومين على أجهزة التنفس الصناعي بينما فعاليته لم تثبت للمرضى المصابين بأعراض خفيفة، ويعمل الديكساميثازون عبر منع الجهاز المناعي من التفاعل المفرط الذي يؤدي لمضاعفات قاتلة ولكن له آثارا جانبية مختلفة ومنها النفسية لعل من أبرزها تأثيره على المزاج والتي من المحتمل أنها من جعلت الرئيس يصف شعوره بأنه لا يصدق!

أيضاً تضمنت الخطة العلاجية للرئيس ترمب مضاد الفيروسات المعروف بفعاليته في علاج عدد من الأمراض الفيروسية ريمديسفير (Remdesivir) وهو ببساطة يعمل على إبطال عملية تكاثر الفيروس، وأثبتت الدراسات فاعليته على كبح تكاثر فيروس كورونا الجديد للمصابين بأعراض شديدة المنومين بالمستشفى، بينما لا يوجد ما يؤكد فعاليته في علاج الحالات الخفيفة كغيره من الأدوية المستخدمة في علاج مرض كوفيد-19 بل المؤكد أن غالبية حالات الإصابة الخفيفة والمتوسطة لا تحتاج لعلاج محدد فجسم الإنسان بما حباه الله من قدرات قادر عبر أجهزته المناعية وعملياته الدفاعية على القضاء على المرض والتعافي من آثاره بشكل كامل ودون أي تدخل!

وخلاصة القول أنه لا يمكن لأحد تحديد أي من العلاجات التي تضمنتها الخطة العلاجية للرئيس كان له الأثر الأكبر في شفائه أو إذا كان هناك دور يذكر لها أصلاً في شفائه، والأكيد أن شفاءه لم يكن معجزة والمدة التي قضاها حتى إعلان شفائه تعد ضمن المعدل المتوسط للشفاء للحالات خفيفة ومتوسطة الشدة.

ومضة

منذ أن بدأت هذه الجائحة أثبتت لنا أنه لا يوجد من هو منيع ضد الإصابة بـ كوفيد-19 وحده الملتزم بالاحترازات الوقائية تقل احتمالية إصابته بالمرض ويحمي نفسه ومجتمعه ومن يحب !