ساهمت سلسلة أفلام (harry potter)، و(the lord of the rings)، ومسلسل (game of thrones)، وغيرها من الأفلام والمسلسلات في جذب السياح لعدد من الدول التي تم تصوير تلك الأفلام والمسلسلات فيها، وكانت سبباً في زيادة شهرة تلك المواقع وجعلها مقصدا للسياح الذين تهافتوا عليها، وساهموا في تحسين اقتصادها، ما يؤكد أن مشهدا واحدا من فيلم، أو مسلسل قد يصنع وجهة سياحية، ويختصر جهدا كبيرا من التسويق والإعلان، بما يعزز أهمية ودور وتأثير الأفلام والمسلسلات في نقل هوية البلد، وتراثه، وحضارته، وتاريخه للآخر.

ترويج ملائم

يرى المنتج، المصور السينمائي بكر الدحيم أن «الترويج للسياحة من خلال الأفلام والمسلسلات بطريقة غير مباشرة، مثل اختيار مواقع التصوير وغيرها يعد أسلوبا ناجحا وفعالا، فالدراما عموما قوة ناعمة تؤثر على نظرة الجمهور».

ويضيف «الترويج للسياحة عبر الدراما يعتمد على نوعية الأفلام ومواقع تصويرها، فمثلا لو صور فيلم أكشن ومغامرة في جبال السودة، وتخللته رياضات القفز المظلي والشراعي فسيشكل عنصر جذب للرياضيين المختصين في هذا المجال والمتعطشين لأماكن ومناطق جديدة لممارسة رياضاتهم، كما يمكن استخدام جبال طويق، وتركيباتها الصخرية كمواقع تصوير لأفلام الخيال العلمي، أو الأفلام التاريخية».

وأوضح «لهذا الأمر تأثير كبير على السياحة، حيث يمكنه إبراز التنوع الجغرافي والمعالم السياحية للمملكة، وتغيير الصورة النمطية عنها والمحصورة فقط كمزار ديني لمكة المكرمة والمدينة المنورة، وبشكل بسيط وفي كل عام وخلال الحملات الدعائية لليوم الوطني تبهرنا مواقع التصوير المتجددة وتتردد عبارة «معقولة هذا بالسعودية»، وهذا بحد ذاته تسويق داخلي وخارجي أيضاً، ولكن هذا الأسلوب يستخدم لدينا بشكل بسيط، وباجتهادات شخصية، حيث إن القصة تفرض على صانع الفيلم موقع تصوير محدد».

سياحة سينمائية

بيّن الدحيم أن هناك سياح يجوبون العالم ويزورون مواقع تم فيها تصوير مشاهد من أفلامهم المفضلة، وهو ما يسمى بـ«السياحة السينمائية» إن صحت الترجمة، ومواقع التصوير تنقسم إلى قسمين، إما مواقع عامة تم فقط التصوير فيها، أو موقع تم إنشاؤها خصيصاً لفيلم معين، وهذه الأخيرة تحولت إلى مزارات وعناصر جذب سياحي، مثل موقع تصوير فيلم (The Lord of the Rings)، الذي أنشأ في نيوزيلندا خصيصا لهذا الفيلم، والآن هو معلم سياحي يحتوي على مقهى ومطعم وتقام فيه مهرجانات واحتفالات عامة وخاصة، وفي وقت الذروة وصل عدد زواره إلى 3000 زائر يومياً، ولو أخذنا مثالنا السابق (Hobbiton™ Movie Set) رقمياً نجد أنه في موقع غير سياحي أصلاً، حيث يقع في مقاطعة ماتاما بياكو، لكن بعد إنشائه، وتصوير ونجاح سلسلة الأفلام أصبح الآن ثالث أكثر مزار سياحي في نيوزيلندا، و17 % من السياح الأجانب لنيوزلندا كان هذا الموقع هو الجاذب لهم، فصار دخل المقاطعة سنويا بشكل مباشر وغير مباشر يصل إلى 78 مليون دولار تقريباً، وهذا ساهم بإنعاش المنطقة اقتصادياً.

كما يشير الدحيم إلى أنه «وجدت مبادرات من عدة جهات سواء فردية أو حكومية كبرنامج ألوان السعودية، وهو برنامج لدعم وتمكين المصورين، وصناع الأفلام لينقلوا إلى العالم جمال المملكة من خلال عدساتهم، هذه المبادرة هي بذرة بإذن الله لدخول الوزارة بشكل أعمق مع منتجين وصناع الأفلام لإنتاج أفلام سينمائية تنافس في مهرجانات عالمية».

فاعلية التسويق غير المباشر

يؤكد المصور السينمائي محمد خياط على أن فاعلية التسويق غير المباشر ناجحة في الغالب، وبالأخص السياحة، ويقول «نشطت السياحة الداخلية بسبب ما تم تصويره من قبل المشاهير خلال جولتهم حول المملكة، وأصبحت أبها مزدحمة، وذلك من خلال التصوير، أي نعم لم يكن فيلماً، أو مسلسلاً، ولكن إبراز المحاسن والأماكن الجميلة جلب السياح لتلك المناطق، بما فيها أماكن ومناطق وقرى لم نسمع بها من قبل».

ويشير إلى أن «بعض الدول، ومثلا دبي تدفع 10 % تقريباً من قيمة المصروفات للأفلام التي تتم تصويرها في بلدها، كدعم وتحفيز للمنتجين للتصوير في بلدها، لأن هذا يدعم سياحة البلد ويظهر أماكنها الجميلة، ويشوّق المشاهد لزيارتها، وتتفاوت هذه النسب من دولة إلى أخرى».

ويكمل «يمكن القول إن استخدام هذا الأسلوب ناجح، ويؤثر على السياحة خاصة إذا اتبعته السعودية التي ما تزال السياحة فيها كصناعة في خطواتها الأولى، وتحتاج دعم وتوظيف بعض المناطق وإبراز المعالم في الأفلام والمسلسلات، ففي كل أفلامنا ومسلسلاتنا يركز المنتج على اللقطات المهمة، ويتجاهل في الغالب اللقطات العامة والجميلة للبلد بغية تخفيض تكاليف الإنتاج».

عقبة التكلفة المادية

يذكر خياط أن الصعوبات والعقبات التي تواجه الترويج للسياحة في السعودية من خلال الأفلام والمسلسلات تنحصر في التكلفة المادية، ويقترح دعم الأفلام بشروط، مثلاً خصم قيمة الضريبة مقابل إبراز معالم المملكة، وهكذا، وهو يطالب بدور لوزارة السياحة في دعم الإنتاج في هذا الجانب أكثر مما هو موجود حاليا؟

ويقول «لدينا بعض الأماكن في المملكة إذا تم توظيفها بالأفلام ستشكل دعما قويا وكبيرا للبلد وللسياحة من خلال قصد السياح لها، حيث يوجد أشخاص يسافرون لمدن أو حتى دول لزيارة المواقع التي ظهرت في الأفلام أو المسلسلات، فمثلا حوّل فيلم (joker) في لقطته للدرج الطويل في مدينة نيويورك هذا الدرج إلى معلم سياحي حتى لأهل المدينة على الرغم من أنه درج قديم، وصار الناس يلتقطون الصور فيه، وشخصيا زرت تمثال الحرية في نيويورك، ولم أعرفه إلا من الأفلام».

منتجات متنوعة

يضيف صانع الأفلام، المصور السينمائي ناصر الخزيم أن الترويج للسياحة من خلال الأعمال السينمائية والتلفزيونية يعد دعاية غير مباشرة، وتصنف على أنها الأصدق، وهذا الذي تتجه له رؤية المملكة 2030 من خلال فتح آفاق دعم المواهب والمنتجات الإعلامية المتنوعة.

ويقول «السينما عرفتنا مثلا على كثير من شوارع القاهرة والمدن العالمية، وجعلتنا نطلع على تفاصيلها الثقافية والمعمارية»، مضيفا «كثيرا ما أصبحت مواقع تصوير المسلسلات والأفلام مزارات سياحية يقصدها السياح من الداخل والخارج، فالعمل السينمائي دعاية غير مباشرة لكل ما يتعلق به من مدينة وثقافة ومواقع، ونحن هنا نسعى لذلك، فكثير من الصعوبات والمعوقات تلاشت حالياً في ظل دعم خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده، وحرصهما الكبير على دعم الشباب والمواهب، كما أن وزارة السياحة لها جهود كبيرة، ولشركات الإنتاج أيضاً مساهمات، وكل جهة تكمل الأخرى».