عبدالله بن جعفر والحجاج

أكره الحجاج بن يوسف، عبدالله بن جعفر، على أن زوجه ابنته، فاستأجله في نقلها سنة؛ ثم فكر عبدالله في الانفكاك منه، فألقي في روعه خالد بن یزید، فكتب إليه يعلمه ذلك - وكان الحجاج تزوجها بإذن عبدالملك - فورد على خالد كتابه ليلا، فاستأذن من ساعته على عبدالملك. فقيل: أفي هذا الوقت ؟ فقال: إنه أمر لا يؤخر.

فأعلم عبدالملك بذلك، فأذن له. فلما دخل عليه قال له عبدالملك: فيم السرى يا أبا هاشم؟ قال: أمر جليل لم آمن أن أؤخره، فتحدث علي حادثة، فلا أكون قد قضيت حق بيعتك. قال: وما هو؟ قال: أتعلم أنه ما كان بين حيين من العداوة والبغضاء ما كان بين آل الزبير وآل أبي سفيان؟ قال: لا، قال: فإن تزويجي إلى آل الزبير أذهب ما كان لهم في قلبي، فما أهل بيت أحب إلي منهم.

قال: فإن ذلك ليكون.

قال: فكيف أذنت للحجاج أن يتزوج في بني هاشم، وأنت تعلم ما يقولون والحجاج من سلطانك بحيث علمت ! فجزاه خيرا وكتب إلى الحجاج أن يطلقها.

فطلقها، وغدا الناس عليه يعزونه عنها؛ فكان ممن أتاه عمرو بن عتبة بن أبي سفيان، فأوقع الحجاج بخالد؛ فقال: كان الأمر لآبائه فعجز عنه حتى انتزع منه. فقال له عمرو بن عتبة: لا تقل ذا أيها الأمير؛ فإن لخالد قديما سبق إليه، وحديثا لم يغلب عليه، ولو طلب الأمر لطلبه بجد وجد، ولكنه علم علما، فسلم العلم إلى أهله.

فقال الحجاج: يا آل أبي سفيان؛ أنتم تحبون أن تحلموا، ولا يكون الحلم إلا عن غضب؛ فنحن نغضبكم في العاجل؛ ابتغاء مرضاتكم في الآجل.