«السلطة الرابعة»، «صاحبة الجلالة»، يكادان يكونان أهم وأشهر لقبين أطلقا على الصحافة. اختلف الباحثون حول أول من أطلق تعبير «السلطة الرابعة»، وأغلب الظن أن المؤرخ الإسكتلندي توماس كارليل هو من أطلق هذا اللقب عام 1841. في حين سميت بـ«صاحبة الجلالة» لما لها من عظمة وكبرياء، فعظمتها تأتي من كونها مهنة البحث عن الحقيقة، وكبرياؤها يأتي من نزاهتها. وزير الحج والإعلام والثقافة الأسبق، أول سعودي رأس منظمة التعاون الإسلامي إياد مدني، خاتل القارئ وراوغه، وهو يعنون كتابه الصادر حديثا بـ«من بلاط صاحبة الجلالة».

مراجعة التاريخ

يذهب القارئ بذهنه أول ما يصافحه العنوان إلى أنه سيقرأ تجربة مدني في عالم الصحافة، لكنه يفاجأ، بأن الكاتب، يقدم له مجموعة من المقالات التي نشرها مدني في «بلاط صاحبة الجلالة»، أقدمها يعود إلى عام 1980، الذي تناول فيها حادثة اقتحام الحرم المكي بعنوان «ماذا حدث في مكة». وهنا يدفع مدني مجددا للواجهة جدلا قديما /‏ متجددا حول أهمية «جمع المقالات القديمة» وتقديمها في كتاب، وهو الأمر الذي يرى فيه كثيرون شيئا إيجابيا، كونه يمثل توثيقا لا غنى عنه، كمرجعية تضيء حقبة زمنية ما، وتوفر على الباحثين كثيرا من الجهد والوقت، وتمكنهم من الوقوف بسهولة على متغيرات الواقع وتحولاته، للربط بين الأشياء عند أي محاولة للتحليل ومراجعة التاريخ.

مكاشفة

يشير الكاتب في مقدمته - وهو الذي عمل وغاص حتى أذنيه في قلب المشهد الصحفي بإدارته واحدة من كبريات المؤسسات الصحفية، ورأس تحرير أهم الصحف الصادرة باللغة الإنجليزية - بشكل ومضي/ مقتضب، إلى تحولات مهنة الصحافة السعودية، ويقول «.. وسنوات الكاتب في بلاط صاحبة الجلالة، شهدت ظهور وامتداد شركة تهامة كجهة كادت تنفرد بسوق إعلانات الصحف، في تلك المرحلة، كما شهدت مراحل الانفكاك منها وما صاحب ذلك من عثرات وأخذ ورد، وما ساد سوق الإعلان من ترويج للمطبوعات اللبنانية بحجة أنها مقروءة على امتداد العالم العربي»، ويضيف «كما شهد إنشاء شركة موحدة للتوزيع تحفظ للصحف حقوقها المادية، وتحيل التنافس إلى تعاون فيما يخدم المشترك فيها. ثم يبدد الكاتب دهشة القارئ وحيرته حين يكاشفه».. «أوراق هذا الكتاب لن تشير إلى شيء من ذلك، فليس الغرض منها تأريخ أو توثيق للعمل الصحفي في المملكة في مرحلة من المراحل، فقد تسنح فرصة لذلك في وقت قادم».

عرش الإعلام

يوضح مدني موقفه من جمع مقالاته القديمة في الكتاب بقوله «الوجهة هنا، هي نشر ما أسهم به الكاتب حول المواضيع التي كانت محط اهتمام المجتمع في وقتها، وما أجراه الكاتب من مقابلات صحفية ومحاولات طرح إجابات لأسئلة، لعل بعضها ما زال ماثلا أمامنا».

ثم يضيف «والبلاط، حتى ولو لم تعد الصحافة ملكته، تنافسها فيه وسائل أخرى، يظل رمزا وكناية عن عرش الإعلام والتواصل والتعبير عن الرأي، واحتكاك الأفكار، وبلورة توجهات الرأي العام». ثم يمضي مهديا إصداره إلى.. «صاحبة الجلالة».

سرد أخاذ

في مقالة بعنوان «متعب الهذال» الشخصية الرئيسة في رواية عبد الرحمن منيف «مدن الملح»، يذكر الكاتب أن «منيف يقدم لأول مرة شخصية ابن الصحراء ببعد إنساني يفوق حتى «فتوة» نجيب محفوظ، يكمن في الرؤية النظرية التي يظهر البدوي من خلاله». وفي مقالة أخرى عن «الأديب الملتزم والأجير»، حاور الكاتب غازي القصيبي، طارحا عليه أسئلة لها دلالاتها، ومنها لماذا يكتب الأديب، قائلا«نحن نتصور أن الأديب هو الإنسان قبل ذلك. أو أنه جزء من جزئيات المعادلة الاجتماعية التي يعيش بداخلها، والمعادلة الاجتماعية يعنى بدورها عدد كبير من العلاقات الإنسانية والاقتصادية والتقليدية والطبقية». بينما تقدم مقالة «مرايا»: قلم مدني، أخاذا وهو يسرد بامتياز يومياته في زيارة لهلسنكي.

حوارات للتاريخ

بعد «المدخل» الذي روى فيه بسرد بارع وظريف «قصة مقال» نشر في أبريل 1985، قسم الكاتب إصداره إلى 5 فصول، حملت عناوين «كيف نتواصل، معهم، سجالات، أسئلة»، تضمنت مقالات تنوعت ما بين الشأن العام، والفكر والأدب، والرحلات، والمال والأعمال، والتنمية الاجتماعية، فيما خصص الفصل الخامس لحوارات هي بمثابة «وثائق تاريخية» أجراها الكاتب، مع زعامات سياسية «برهان الدين رباني - من قادة الجهاد الأفغاني في الثمانينيات -، والرئيس الباكستاني الأسبق ضياء الحق، ورئيس النمسا الأسبق كورت فالدهايم، ورئيس تركيا الأسبق تورجوت أوزال، ووزير الخارجية الأمريكي الأسبق - في حقبة غزو العراق للكويت - جيمس بيكر».

إياد بن أمين مدني

- ولد في مكة المكرمة 1946

- الأمين العام السابق لمنظمة التعاون الإسلامي

- وزير أسبق لوزارتي الحج والعمرة، الثقافة والإعلام

- تخرج في مدارس المدينة المنورة

- بكالوريوس في إدارة الإنتاج من جامعة أريزونا بالولايات المتحدة الأمريكية

- رئيس تحرير صحيفة سعودي جازيت

- مدير عام مؤسسة عكاظ للصحافة والنشر

الأوسمة

ميدالية تقدير من جمهورية الصين (تايوان).

وسام للفارس الأكثر بروزا PSM من دولة ماليزيا.

وسام من الدرجة الثانية من سلطان عمان.

إصدارات

سن الزرافة