الاحتفاء بذكرى البيعة؛ هو احتفاء بالأمن والأمان والاستقرار، هو تقدير لمنجزات وعطاءات شملت جميع مفاصل الوطن ومكتسباته في فترة غير مسبوقة، هو تهنئة للوطن والمواطنين بقيادة تعمل لرفعة الوطن وتسعى لتحقيق تطلعاته، تنوعت المشاريع وتعددت البرامج التنموية وتواصلت الجهود، لنحصد مزيدا من الريادة والتمكين لوطن يزداد تألقًا ومكانةً عامًا بعد عام، بما يقدمه من منجزات مشرقة، وحضور مشرف على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي.

يمتلك خادم الحرمين الشريفين؛ سجلاً وطنيًا حافلاً من العطاءات والخبرات الرفيعة، عُرف بثقافته الواسعة، واستيعابه للمستجدات وتمرسه في أعمال الدولة، تعلم المشاركة في اتخاذ القرارات في مجلس والده مؤسس الدولة السعودية الحديثة، حنكته السياسية؛ أكسبته الخبرة والقدرة على تولي المهام الجِسام على مستوى الدولة، فاعتمد عليه الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يرحمه الله-، ليكون عضدًا وساعدًا أيمن له، بتعيينه وليًا للعهد ونائبًا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرًا للدفاع، بعد مسيرة إدارية ناجحة لإمارة منطقة الرياض لأكثر من خمسين عامًا.

عرف الملك سلمان -حفظه الله- بانضباطه وبُعد النظر في تحليله للأمور وفي معالجتها؛ فاستحق العديد من الشهادات الفخرية من الدرجة العالية والجوائز الأكاديمية المتميزة والأوسمة الرفيعة الوطنية والدولية، يجسد الملك سلمان، الشخصية الاجتماعية المؤثرة على كل المستويات، بقدرته على استيعاب هموم الإنسان والمجتمع ضمن مسؤوليات وطنية ودولية، ارتبط اسمه بأعمال الدعم الإغاثي والحملات الخيرية على جميع المستويات الوطنية والدولية، وفي دعـم قضايا العالـم الإسلامي، علاوة على مساندته لجميع قضايا حقوق الإنسان وللقضايا الدولية التي تتمتع بصفة شرعية عادلة. وقد واصل الملك سلمان بن عبدالعزيز الجهود في خدمة الحرمين الشريفين، كنهج ثابت للمملكة منذ تأسيسها، فقام -رعاه الله-، بالتوجيه لاستكمال مشروعات استكمال التوسعة السعودية الثالثة للمسجد الحرام، والمسجد النبوي الشريف.

منجزات السعودية منذ البيعة، تختزل مسيرة وطن حافلة بالعطاءات، وتجسد جهود وطنية حثيثة نحو التميز والريادة المستحقة على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وقد أثبتت قيادة المملكة لمجموعة العشرين هذا العام 2020؛ قوة القاعدة الاقتصادية والحنكة السياسية والتميز الإداري، الذي ترتكز عليه المملكة، وقد واكبت الفعاليات المصاحبة لقيادة المملكة لمجموعة العشرين-رغم جائحة كورونا- تطلعات رؤية 2030، وما تسعى إليه من ترجمة فعلية لمخرجات التنمية إلى منجزات ملموسة، إذ أظهر المستوى المتقدم في عقد اللقاءات والمؤتمرات العلمية التفاعلية والنوعية، بمشاركة معظم القطاعات المؤسسية والمعرفية على المستوى المحلي والدولي؛ ما تعيشه المملكة من قفزة تنموية تشهد بها الأحداث والحقائق، التي تجسد مستوى عالٍ من الجهود والاستثمار المستدام في قطاعات الدولة ومواردها.

استطاعت المملكة أن تفوز؛ بالمركز الأول في التنافسية الرقمية على مستوى دول مجموعة العشرين في الثلاث السنوات الماضية، كما قفزت 40 مركزًا في مؤشر البنية التحتية الرقمية للاتصالات وتقنية المعلومات، كنتيجة للاستثمارات الموجهة في البنية الرقمية، حتى أصبحت المملكة ضمن الدول العشر الأولى عالميًا في سرعة الإنترنت المتنقل.

أسهم صندوق الاستثمارات العامة في تنمية الاقتصاد الوطني كأحد المحركات الأساسية للنمو الاقتصادي؛ بمضاعفة حجم استثماراته، ووضع سياسات لضخ استثمارات ضخمة داخل المملكة العربية السعودية، والذي أسهم في دعم القطاع غير النفطي المطلوب لتنويع القاعدة الاقتصادية ومتطلبات دعم الإنتاج المحلي.

أنجزت الحملة المستمرة للقضاء على الفساد، مكتسبات استهلكت 5% إلى 15% من ميزانية الدولة، وبما أثر على مستوى الخدمات ومخرجات المشاريع وعدد الوظائف المتاحة، وذلك بعد أن بلغ مجموع متحصلات تسويات مكافحة الفساد 247 مليار في الثلاث سنوات الماضية، وبما يمثل نحو 20% من إجمالي الإيرادات غير النفطية، علاوة على عشرات المليارات من الإيرادات التي أضيفت كأصول للدولة.

وقد سجلت المملكة نجاحات ملموسة بجهودها المستمرة في مكافحة الإرهاب والتطرف؛ كنتيجة لسياسات وحملات اهتمت بمعالجة أسبابه وسبل التصدي له، كما استطاعت الدولة الحد من خطاب الكراهية الذي يُعد الدافع الرئيسي لتجنيد المتطرفين، وذلك انطلاقًا من مبادئ دينية ونهج تشريعي يدعو إليه الدين الإسلامي.

واستنادًا إلى موارد ثرية من الإرث الثقافي والتنوع الجغرافي والديموجرافي، تمكنت المملكة من؛ المنافسة الدولية في قطاعات السياحة والثقافة والرياضة والترفيه وغيرها، وذلك بعد أعيدت هيكلة هذه القطاعات لرفع نسبة إسهامها في الناتج المحلي، وبما تتيحه من فرص عمل وتوظيف للسعوديين، وما تسهم به في التنمية الاقتصادية وتحسين جودة الحياة العامة، وكانت المبادرة الأخيرة بتحديث بعض الإجراءات المتصلة بسوق العمل، بإعادة هيكلة العلاقة التعاقدية مع الوافدين، بهدف حفظ حقوقهم ورفع إنتاجية العامل وزيادة التنافسية للاقتصاد السعودي؛ إضافة تنظيمية لسوق العمل ومنتجاته.

ولعل من أحد أهم منجزات سنوات البيعة، ما تحقق للمرأة السعودية من تمكين وإصلاحات جذرية في ملفها الاجتماعي والمؤسسي، منجزات حقوقية ومكتسبات إنسانية طالما حلمت بها المرأة السعودية، كانت المرأة السعودية لا تستطيع السفر دون تصريح من ولي أمرها «الرجل»، ولا يمكنها حضور المناسبات الرياضية والثقافية، ولا يسمح لها بقيادة السيارة أو ممارسة كثير من الأعمال، بما أسهم في تعطيل كثير من قضاياها، وأعاق مشاركتها في التنمية الوطنية بما يناسب تأهيلها.

حصدت المرأة السعودية خلال سنوات البيعة، تمكينًا غير مسبوق لم تحصده لعقود مضت، تم تمكينها في مجالات العمل المختلفة، بعد إصلاح الكثير من قوانين الأحوال الشخصية الخاصة بالمرأة وبعضا من مواد نظام العمل، حتى أصبحت اليوم شريكة للرجل ومساهمة في التنمية دون تفرقة وتمييز.

منجزات ومكتسبات على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، تشهد عليها أحداث وشواهد قائمة، تؤكد أننا نعيش قفزة تنموية غير مسبوقة، وتوثق عصرًا ذهبيًا من المنجزات، بفضل من الله، ثم بفضل قيادة متمكنة تميزت بحنكتها في إدارة إرث وطني ثري، بمكونه الاجتماعي ومحتواه الثقافي وتاريخه الوطني المشرف، في ظل تحديات إقليمية ودولية محيطة.