على مدار 24 عاما، لم تجر أي مباراة على أرض فريق أتلتيكو مدريد، دون أن يشهد الطرف الجنوبي من الملعب، وضع مارجاريتا لونجو «73 عاما» باقة من الزهور بجوار راية ركلة الزاوية على يسار المرمى، فقط جائحة كورونا، التي تسببت في إغلاق الملاعب الإسبانية أمام الجمهور منذ مارس الماضي، منعت حاملة التذكرة الموسمية، من مشاهدة فريقها شخصيا من مقعدها في المدرج الجنوبي، بيد أن النادي واصل هذا التقليد في غياب مبتدعته، التي تعد واحدة من أكثر مشجعيه شهرة، التى تواصل تشجيعه من منزلها، بانتظار أن تضع باقتها بنفسها مرة أخرى.

حكاية باقة



بدأ كل شيء في 27 يونيو 1996، عندما كان أتلتيكو يستضيف أتلتيك بلباو، وفي المقهى الخاص بالمشجعين كانت هناك مزهرية تحتوي على زهور قرنفل حمراء وبيضاء «شعار النادي المدريدي»، تستعيد مارجاريتا تلك الأمسية «طلبت من رئيس نادي المشجعين أربعا منها، وقلت له إنني سأضعها عند راية ركلة الزاوية، وعندما سألني الناس لماذا، أخبرتهم بأنها للأهداف الأربعة، التي سنسجلها في ذلك اليوم»، وهكذا سار الأمر، انتصر الأتليتي 1/‏4، والأهم أن لاعبها المفضل، الصربي «ميلينكو بانتيك»، سجل الهدف الثاني، تقول «أحببت الطريقة التي يسدد بها الركلات الحرة والركنية»، وهو ما يفسر سبب قيامها بوضع أزهارها بجوار راية ركلة الزاوية، وذات مساء، في نهاية إحدى المباريات، ألقى «بانتيك» الزهور نحو الجماهير، مما دفع مارجاريتا إلى ترك رسالة له مع الباقة التالية «بانتيك، من فضلك لا ترم الزهور للجماهير.. إنها من أجلك»، وهكذا بدأ رابط صداقة بين الاثنين، استمر حتى يومنا هذا، وتضيف «بانتيك يقول إنني وزوجي بمثابة والديه الإسبانيين»، وفي اليوم الذي لعب فيه لاعب الوسط السابق مباراته الأخيرة مع الأتليتي، أهدى قميصه إلى مارجاريتا، وحاليا يتم عرضه في متحف النادي.

نقطة تحول



طوال كل هذه السنوات الـ24، غابت مارجاريتا وزهورها، مرة واحدة فقط عن مباراة على أرض الأتليتي، سواء في ملعبه السابق «فيسنتي كالديرون» أو الجديد «ميتروبوليتانو»، وكان ذلك بسبب وفاة صديقة للعائلة، وأدى ذلك إلى تلقي ابنتها مكالمات ورسائل نصية لا حصر لها من المعجبين، تستفسر عن غياب أحد أبرز معجبي «الروخيبلانكوس»، علاوة على ذلك، عندما لعب الأتليتي مباراته الأخيرة في ملعب «كالديرون» عام 2017، توقف 57 ألف مشجع في ذلك اليوم للحظة عن الهتاف لفريقهم، ليصفقوا ويغنوا لمارجاريتا، وحتى يومنا هذا يحمل المشجعون اللافتة التي كتبوها تكريما لها، ومن المفارقات، عندما بدأت مارجاريتا حضور المباريات لأول مرة منذ حوالي 50 عاما، لم تكن مهتمة بكرة القدم على الإطلاق، تقول «ذهبت لأول مرة عندما بدأت علاقتي بزوجي، وفي ذلك الوقت، بالكاد كانت أي امرأة تذهب لمشاهدة المباريات»، وتضيف ضاحكة «كنت أفضل الذهاب مع صديقاتي، ولكن كان الأمر إما الذهاب معه إلى الملعب أو عدم رؤيته» بيد أن الأمور تغيرت بعدها، وباتت هي من تلح على عدم تفويت أي مباراة، خاصة أن زوجها يعاني من مرض في القلب، ولم يعد قادرا على تحمل انفعالات المباريات.

نداء كوكي



على مدار نصف قرن، قامت مارجاريتا بتغيير حفاضات أطفالها وإرضاعهم من الزجاجات في الملعب، وسافرت إلى أجزاء كثيرة من أوروبا مع رابطة المشجعين، حتى أنها دخلت المدرجات وساقها في جبيرة لتشجيع فريقها، وتكشف أنها أصيبت في مقتل، لعدم قدرتها على الذهاب الآن بسبب كورونا «لا أعرف كيف أعيش بدون كرة قدم ومباريات، وأجد الأمر صعبا حقا»، ومع ذلك، لا تزال الزهور المعتادة موجودة في أيام المباريات، فبعد أشهر من الإغلاق، أوجد استئناف الدوري معضلة استثنائية حول مصير زهورها، بيد أن الإجابة حضرت قبل أيام من المباراة الأولى، عندما تلقت مكالمة من النادي لسؤالها عن محتوى الباقة، وما لم تكن تتوقعه، كان تلقيها مكالمة فيديو في يوم المباراة نفسه من قائد الفريق كوكي، يسألها عن الموقع المحدد لوضع الباقة، وقال لها في فيديو نشره النادي على موقعه: «سأتركها هنا ونأمل أن تجلب لنا الحظ ونفوز ونحرز هدفا من ركلة ركنية»، وفي الدقيقة 81 من المباراة نفذ كوكي ركنية ترجمها فيتولو برأسه هدفا وحيدا في المباراة، ويواصل الفريق الآن فعل ذلك، وتختتم مارجاريتا بتأثر «أخبرتهم أنني أريدهم أن يستمروا في وضعها، حتى أتمكن من العودة إلى هناك مرة أخرى، وهذا ما يفعلونه».



-وضعت مارجاريتا لونجو «73 عاما» لأول مرة باقة الزهور قبل مباراة أتلتيكو ضد بلباو في عام 1996.

-تقطع المشجعة الأشهر لأتليتكو مدريد مسافة 150 كيلومترا لحضور كل مباراة تقام على أرض الفريق.

-واصل كابتن أتلتيكو مدريد «كوكي» الحفاظ على التقليد بعد حظر إسبانيا دخول الملاعب هذا الموسم.

-مارجاريتا تنتظر انتهاء جائحة كورونا، للعودة لممارسة وضع زهورها بملعب الأتلتيكو.