أثناء خروجنا من قاعة أحد الاختبارات المقدمة من هيئة تقويم التعليم والتدريب - قياس، كان بجانبي أحد ذوي الإعاقة على كرسيه المتحرك، وتجاذبنا أطراف الحديث فيما يخص الخدمات المقدمة لذوي الإعاقة، وكان الحديث شيقًا بخصوص أن هذا البطل كان أحد خريجي الماجستير من أستراليا وتعرض لحادث وكنا نتحدث عن تسهيلات الحياة اليومية المقدمة لذوي الإعاقة هناك مقارنة بما يقدم هنا، وهل لديه أفكار أو توصيات بخصوص هذا الموضوع.

وبعد أن أنهينا حديثنا وكنا نقف على مدخل كلية الهندسة «وما فائدة الهندسة إن لم تسخر لخدمة الإنسان»، في جامعة أنشئت خلال الـ 10 أعوام الأخيرة وهذا يعني أن مبانيها قد نفذت على الطراز الحديث، فقال لي «بعد إذنك أنا باطلع مع الباب اللي دخلت معه» وبعد أن أمعنت النظر وجدت أن المدخل الرئيسي الذي كنا نقف على حافة سلم الخروج به لهذه الكلية لا يوجد به (منزلق للمعاقين)، فتبعته لأرى ذلك المدخل الذي استطاع الدخول معه، وإذا به المدخل الجانبي وبه منزلق للخدمة لإدخال عربيات الطعام والكراسي وغيرها بالإضافة إلى ذوي الهمم، وهذا المنزلق له نسبة انحدار «ما أدري على أي أساس» تم تحديدها بهذه الدرجة، إذ أن هذا الرجل قال لي ولله الحمد أنا أقوم بتمارين بنية عضلات الأطراف العلوية، لذا لا مشكلة لدي مع هذا المنحدر، ولكن هل يستطيع الإنسان الطبيعي الجلوس على دراجتي هذه والصعود بشكل طبيعي، أم أنه يحتاج لـ«محرك توربو» لمساعدته على ذلك.

خلال هذه اللقطة التي لم تستغرق سوى 5 دقائق ظهر منها ما يلي:

1 - أن الجامعة ليس لديها معايير أساسية لتوفير بيئة داعمة لذوي الهمم، بوضع هكذا منزلق «وعلى أيش» على مدخل كلية الهندسة، وكأنه لا يمر بها مهندس واحد يستطيع القياس بين درجة زاوية الانحدار وبين الجهد المقدر لصعوده من ذوي الإعاقة، وكأن هذه الجامعة تضمن أن جميع طلابها من «جنود المارينز».

2 - ليس هناك ظهور حقيقي لـ(هيئة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة) والتي أنشئت لهذه المهمة وهي تسهيل حياة ما يزيد عن 830 ألف معاق حركيا في المملكة، فليس هناك تحرك حقيقي لوضع معايير ثابتة لطريقة وضع المنزلقات وطريقة تثبيتها ودعاماتها الجانبية ونوعية الأرضيات لها ودرجة انحدارها، رغم أنه تم بالفعل إصدار قرار من وزارة البلدية بهذا الخصوص ولكن بلا تفاصيل أو تفعيل طريقة إبلاغ سهلة وسريعة النتائج، أو جولات منظمة من قبل الجهات المسؤولة مثل وحدات ذوي الإعاقة التابعة لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في المناطق، وكأن هذا الأمر غير مصيري في حياة أحدهم، إذ يقول هذا المعاق إنه يعاني حتى في الصيدلية، لأن الجميع قام بتركيب هذه المنزلقات تفاديا للغرامات ولكنه قام بتركيبها على «مزاجه» لأن القرار إلزام بتركيب منزلق «والسلام».

ما أريد قوله إنه في حال كان هذا وضع جامعة حكومية تعتبر من أكبر جامعات المملكة مساحة، ومبانيها يشهد لها «القاصي والداني» بعظمة التصميم وجودة التنفيذ، ومع ذلك لم يؤخذ أمر هكذا على محمل الجد، فما بالك بالمستوصفات الخاصة والصيدليات والمطاعم والمقاهي وغيرها، إن كان هذا حال منارة العلم، فليس مستغرب أن نجد غيرهم وقد جعل مدخلًا رئيسيًا لاستقبال العملاء والمستفيدين، وجعل مدخلًا خلفيًا على استحياء وأسماه (مدخل الخدمات وذوي الإعاقة).