التجاهل للجرائم الإيرانية يعتبر سِمة عامة على قادة الإخوان، فيوسف ندا يكتب مقالاً بعنوان: «نحن والشيعة» لا يلتفت فيه لما ارتكبته إيران في العراق إذ ذاك قبل جرائمها في سورية، ويكتفي بأن ينكر ما يقال في كتب السنة عن المذهب الشيعي من انحراف!.

وقد يقال إن هذا رجل اقتصاد ولا شأن له بمثل هذه الأمور فيقال: إن مرشد الإخوان آنذاك مهدي عاكف، ذكر أنَّ كلام يوسف ندا حق ولا شأن لنا إلا بالسياسة، وفي السياسة: إيران دولة مسلمة!، ومفهوم كلامه بما أنها مسلمة فلا مانع أن تقتل المسلمين، ولا مانع أن يكون لها مشروعٌ لتشييع أهل السنة، ولا مانع أن يكون مشروعها إسقاط دول مسلمة؛ ويصرح عاكف بأنه لا يبالي بالمد الشيعي، فيقول: «لا مانع فعندنا ستّ وخمسون دولة سنية».

ويستمر غرام الإخوان بإيران حتى في مشروعها ضدَّ دول أهل السنة، وقد برز ذلك جلياً في الحرب السادسة على الحوثيين والتي استعان فيها اليمن بالسعودية ضد الميليشيات الإيرانية، وكانت هذه الميليشيات دائمة التهديد للسعودية ومقاطع زواملهم وأناشيدهم مما يُربون عليه ناشئتهم مشهورة جداً، وارتباطهم بإيران كجزء من مشروع حصار السعودية لا خلاف فيه، ومع ذلك حين أرادت السعودية دفع هذا الشر كان أول من عارضها هم جماعة الإخوان؛ فأصدرت الجماعة بياناً يندِّد بالموقف السعودي، وأرسل مرشد الجماعة مهدي عاكف خطاباً يدعو فيه السعودية لإيقاف الحرب ضد الحوثيين.

فجماعة هذا توجهها ضد المملكة، وهو دعم النظام الذي يخطط لاستئصالها، والوقوف معه بكل هذه القوة ألا يحسن أن نقول إن الهيئة تأخرت في التحذير منه؟!

وحين قام وزراء الداخلية العرب بتصنيف حزب الله اللبناني المدعوم إيرانيًّا على أنه إرهابي؛ غضب حزب النهضة على لسان رئيسه: راشد الغنوشي، والحزب هو الواجهة السياسية في تونس للإخوان المسلمين، وكان مبرر وزراء الداخلية هو ما قام به الحزب من تقتيل ودمار في سورية ضد أهل السنة، وقيامه بمجازر كبيرة هناك ذهب ضحيتها عشرات الآلاف، وأما مبرر حزب النهضة فهو ما قام به حزب إيران من مواجهات مع الصهاينة عام 2006، أي أن الحزب يؤمن بالماضي ولا يؤمن بالواقع، ومع أنَّ الماضي غفر الغنوشي من أجله سفك دماء المسلمين وتهجيرهم ليس ماضياً شريفاً كما يزعمون، إلا أنه على فرض نزاهته لا يُكَفِّر ما يأتي من بعده من ذنوب، سيما ذنب دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم، فكم قتل حزب الله المزعوم من اليهود؟ عشرة.. عشرين؟ لن يزيدوا عن ذلك، فهل من أجل ذلك نغفر له قتله عشرات الآلاف من أهل السنة والجماعة؟ ما هذا إلا منطق الإرهابيين وللأسف؛ بل نقول: وكالمعتاد لم تتبرأ جماعة الإخوان من صنيع هذا القيادي وعضو الاتحاد الدولي للجماعة.

أمَّا إعلاميو جماعة الإخوان وتصريحات قيادييها فهي دائمة التَّحريض على المملكة العربية السعودية، لا يختلف ما يقولونه عمَّا تقوله إيران أو عمَّا تقوله جماعات التكفير والعنف المسلح، وهذا أظهر من عين الشمس، والكل يراه ويسمعه، فقنواتهم في لندن وتركيا وقطر كلها تنضح بالتَّحريض والدعوة للفتنة في بلادنا، ومقصدهم إحداث ثورة أو فتنة في السعودية تراق فيها الدِّماء وتنتهي إلى ما انتهت إليه سورية وليبيا واليمن.

وقد يقول قائل: إنَّ ذلك كان بعد تأييد المملكة للجيش المصري في استرجاع السلطة في مصر، ودفع المال له ممَّا قواه على متظاهري رابعة وقام بعد ذلك النظام بقتلهم، وهذا ما صرح به يوسف القرضاوي في بعض أحاديثه.

والجواب: أنَّ هذا ليس له أساس من الصحة؛ فعداوة الإخوان وتصريحاتهم وتحريضاتهم ضد السعودية موغلة في أعماق تاريخهم؛ ونقترب هنا بواقعة واحدة، وهي أنَّ راشد الغنوشي -زعيم حزب النهضة التونسي- قَدَّمَت له الولايات المتحدة تأشيرة دخول فور انتهاء ثورة مصر الأولى بعد أن كان ممنوعاً من دخول أمريكا، واستضافه هناك مركز الشرق الأوسط للبحوث وأجرى معه لقاء تمنى فيه للثورة العربية الامتداد، وذكر أنَّ الشباب السعودي ليس أقل من الشباب التونسي، وأنه حتمًا سينتصر. ومع خطورة هذا التصريح إلا أنَّ الإخوان لم يردوا عليه ويتبرؤوا من مقالته.

وهذا عين الإرهاب! أن تدعو شباب دولة آمنة إلى تحطيم مقدراتهم وأمنهم وإراقة دمائهم؛ ولم يكن هذا الأمر خاصًّا بالغنوشي؛ بل لا أعرف قيادياً ولا إعلامياً إخوانياً إلا وهو يتتبع كل شيء في المملكة ليسيء إليه ليظهر الدولة السعودية أمام المفتونين أو الجهال أو الغوغاء أو ذوي الأهواء من شعبها بمظهر الدولة الفاشلة التي لا تفعل إلا الشَّر، ولا يذكرون لها خيراً أبداً، حتى وصل الأمر بأحد تُعسائهم إلى تحريم الحج والعمرة بحجة أن فيها مالاً يُدفع للدولة السعودية! ولن تجد رأساً فيهم أنكر هذا عليهم، بل هو سِمَة دائمة في خطابهم؛ وعندنا ليس فوق هذا الإرهاب شيء، فليس القتل هو أن تقتل؛ بل أن تحرض القاتل أو تُعينه.

وكثيراً ما يحتجون على تواطئهم هذا بأن السعودية اعترفت بالانقلاب على الرئيس مرسي وقدمت له مالاً، وأن هذا المال استعانت به حكومة السيسي على قتل المتظاهرين في رابعة !

والجواب من وجهين:

الأول: إن هذا القول أعظم شهادة على الإخوان بكونهم إرهابيين من ألسنتهم.

فإنَّ النظام المصري يُتَّهم من قِبَل الإخوان بقتل المئات، والنظام الإيراني متَّهم من قِبَل شعبه والشعب العراقي والسوري واليمني بقتل مئات الآلاف بل الملايين وتهجير الملايين، والإخوان يُزَكُّونه ويتعاونون معه ولا يذكرونه إلا بالخير، فأيهما أولى بالنقد، من يقف مع نظام يُتَّهم بقتل المئات أم من يقف مع نظام قتل الملايين؟!

ثُمَّ إذا كان هذا هو منطلقكم فلماذا لا تُعادون تركيا كما تعادون السعودية؟ فتركيا تدعم إيران بعشرات المليارات مع أنَّ دولتها منغمسة في آلاف المذابح ضد شعبها والشعوب العربية.

كل ذلك يدل على أنَّ سياسة الإخوان لا تُدار بمنطق العدل؛ وإنما بمنطق الحقد الكامن.

الوجه الثاني: أنَّ السعودية لا تدعم حاكماً ولا نظاماً، وليس لها شأن بما حدث من ثورةٍ على حكم الإخوان، وإنما همها هو دعم الاستقرار في مصر، وقد قدمت الدعم السخيَّ لمصر في وقت مضطرب كانت الأوضاع مرشحة فيه لانتفاضات وقلاقل وحرب بين الجيش والمعارضة تجعل من مصر سورية أخرى أو يمنًا آخر، لكن الدعم السعودي كان سبباً للوقاية من ذلك، تماماً كالدعم الذي قدمته السعودية فور تسلم الرئيس مرسي للرئاسة، فلماذا يُعاب ما قدمته السعودية لمصر في عهد الرئيس السيسي، ولا يُعاب عليها ما قدمته لمصر على يد الرئيس مرسي؛ وكلا الدعمين كانا بقصد حفظ استقرار مصر؟

كما أنَّ السعودية ليس لها يد في المؤسسات العسكرية، ولو أنَّ الإخوان استعادوا الحكم فلن تحول السعودية بينهم وبين ذلك؛ لكنهم عجزوا فلم يكن أمامهم إلا تعليق عجزهم بمشجب السعودية؛ وهي طريقة قديمة استخدمها قبلهم القوميون والماركسيون العرب، واليوم يرثها الإخوان المسلمون عنهم.

وهنا أختم المقال لأني أطلت فيه مع أن في النفس الكثير، وأسأل الله تعالى أن يصلح حال المسلمين ويؤلف بين قلوبهم ويردهم إلى جادة العدل رداً جميلاً.

سمات عامة لقادة الإخوان
- تجاهل الجرائم الإيرانية

- لا مانع أن يكون لإيران مشروعٌ لتشييع أهل السنة

- لا مانع أن يكون مشروعها إسقاط دول مسلمة

- مساندتهم الحوثيين

- غضبهم لتصنيف حزب الله إرهابيا

- إعلاميو جماعة الإخوان دائمو التَّحريض على السعودية

- عداوة الإخوان وتحريضاتهم ضد السعودية موغلة في أعماق تاريخهم

- سياسة الإخوان لا تُدار بمنطق العدل، وإنما بمنطق الحقد الكامن

الموقف السعودي

السعودية لا تدعم نظاماً، همها دعم الاستقرارفي مصر

دعمت مرسي فور تسلمه الرئاسة

ليس لها يد في المؤسسات العسكرية

الإخوان علقوا عجزهم بمشجب السعودية

الحلقة الأولى

الحلقة الثانية

الحلقة الثالثة

الحلقة الرابعة