في برنامج «MBC في أسبوع» السبت الماضي، استضيفت الكاتبة والمخرجة السعودية (هناء العمير) لتتحدث عن أسباب سحب فيلمين سعوديين من صالات السينما في أقل من شهر واحد، ورغم أن هذه الأعمال ليست لهناء ولا تربطها بهما أية علاقة، إلا أنها حاولت الحديث بلطافة عن أسباب سحب الأعمال، وأعطت إجابات لـ«الخاصة» أكثر من كونها لـ«العامة»، بقولها إن هذه الأفلام أعمال (فنية)، ومن المفترض أن تكون لها صالات عرض خاصة بها، وسبب سحبها هو اضطرار منتجيها لعرضها في صالات السينما (التجارية)، بدلا عن صالات (فنية)، ولكن المذيع أعاد عليها السؤال بصيغة واضحة «طيب لماذا لا يواكب المنتجون لدينا السينما التجارية؟».

صحيح أن ضيفتنا «اللطيفة» حاولت أن تجد «مخارج» لوضع السينما السعودية، ولكنها قالت كلمات هي خلاصة المشكلة لدينا، وهي أنه لا يوجد من هو محترف وخصوصا في موضوع (الكتابة) و(السيناريست)، وهذه تقريبا أغلب مشاكل (وزارة الثقافة)، إذ إن الثقافة بشكل عام بالنسبة لدينا

ما زالت تحت وطأة «الهواة»، فكانت الضيفة تتحدث عن كيفية توفير (كتّاب) و (سيناريست) متفرغين تماما لهذا العمل، وقبل ذلك كله يتفرغون لدراسة هذا الفن، حتى تجتمع الموهبة مع الدراسة، ويصبح هذا عمله ووظيفته التي «يأكل منها عيش»، بدلا عن «سلق البيض».

وبالحديث عن «البيض المسلوق»، فهذه وجبة قد تكون مشبعة لنا «أيام الدش الأسود»، لأننا لم نكن نعرف حينها أفلام هوليوود وبوليوود و «يورو وود» بل وحتى «مصروود» الحقيقية والتي تعرض فورا لدينا بمجرد عرضها على شاشات السينما هناك، فكنا «أيام زمان» غير مواكبين للجديد الممتع بل وحتى القديم الأسطوري كنا محرومين منه بسبب أنه غال على قنوات «المسلوق والشكشوكة»، أما اليوم فكما قال المتميز علي الغفيلي بعد انتهاء اللقاء وعودة الكاميرا له، إنه (حاليا المتذوق السعودي للسينما متذوق عالمي، أصبح لا يرضي ذائقته إلا أعمال تنافس عالميا، لأن (نتفلكس) و (OSN) و (شاهد.نت) وغيرها وفرت له كل جديد من الإبداع العالمي).

وهذا يعني أن المشاهد السعودي «العادي» وليس «المتخصص» أو حتى «التماتيك» لم يعد يقنع بـ«مشهور سناب» أو فنانة «عيونها كحيلة» تغنيه عن المحتوى الجاذب، والذي يجده في أفلام وإنتاج سينمائي لدول لم نكن لنعرف أنها على الخارطة أصلا لو لم تظهرها لنا عقول محترفي السينما بها.

ما أريد قوله إنني أتذكر متابعتي لمسلسل «يوتيوبي» عرض قبل قرابة 7 أعوام لشباب سعوديين يدرسون بأمريكا الإخراج والكتابة وغيرها من احتياجات الثقافة لدينا حاليا، وليلة البارحة عدت لمشاهدة حلقاتهم مرة أخرى، وكأنه نفس الشعور الذي أحسست به أول مرة قبل 7 أعوام، لأن هناك إحساسا حقيقيا بما يقدمونه، وحاليا هم خريجون من هذه التخصصات التي تنقصنا، وللأسف ما زالت تتلقفهم القنوات الفضائية بعيدا عن أيدي (وزارة الثقافة)، وكأننا نريد أن ندور في حلقة مفرغة نتيجتها بعد أعوام (سحب فيلمين خلال شهر).