في 10 ربيع الثاني 1442هـ، نشرت صحفنا المحلية خبر تدشين نائب أمير منطقة الرياض، الأمير محمد بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز، برنامج «أنسنة الأحياء السكنية»، في إطار جهود أمانة المنطقة للارتقاء بجودة الحياة، وتماشيا مع مستهدفات «رؤية 2030» وبرامجها المتصلة بالقطاع البلدي.

تسعى أمانة المنطقة، من خلال هذا البرنامج المنطلق من حي الفلاح، لجعل المناطق السكنية تنعم بالديمومة والرفاه عبر تسهيل حركة السكان وتنقلاتهم إلى مختلف الفاعليات في المنطقة المحيطة بهم، وتأهيل الفراغات العمرانية الحضرية وتفعيلها، لتكون أكثر حيوية، إلى جانب توفير حركة مشاة آمنة داخل الأحياء السكنية، وتزويدها بنشاطات اجتماعية، وهو ما سيسهم في القضاء على العديد من المظاهر السلبية مثل التعديات على الأرصفة، والوقوف العشوائي للمركبات، والقيادة بسرعات عالية داخل الأحياء، والتشجير العشوائي المعيق لحركة المشاة، بالإضافة إلى إنشاء شبكة للمشاة متصلة بالمرافق... إلخ.

في البداية، أقول إن أمانة المنطقة، بقيادة أمينها الأمير فيصل بن عبدالعزيز بن عياف، أعتبرها أنشط أمانة تعمل من أجل تطوير منطقتها، خاصة عاصمتنا الحبيبة الرياض، وذلك بتنفيذ عدة مشاريع حيوية، التي من ضمنها هذا المشروع الحيوي (أنسنة الأحياء)، من أجل رفاهية الساكن وإسعاده، وتمكينه من الحصول على كل حقوقه البلدية. ولا شك أن كل ما تضمنه هذا المشروع، من توفير حركة المشاة داخل الأحياء وتزويدها بمختلف النشاطات الاجتماعية، وصقل شوارعها، من حيث التشجير وإزالة كل العراقيل مثل القضاء على التعديات على الأرصفة وخلاف ذلك أمر عظيم، حيث إنني من سكان هذه المدينة التي لا تنام، فقد عاصرت تطوراتها المتلاحقة، ولا أخفي أنني قد عانيت كما عانى غيري عراقيل كثيرة بشوارع مدينتنا، من تشجير عشوائي وغرس أعمدة إعلانات تجارية ومرورية وحتى بلدية أيضا على الأرصفة التي أعدت في الأصل للمشاة، للحد من استخدام المركبات، وأذكر أنني سبق أن كتبت عن تلك المعوقات منذ أكثر 15 سنة وتزيد، ولا يزال كل ما شكوت منه بشوارعنا الكبيرة والصغيرة، غير أن لدي اليوم أملا كبيرا عبر برنامج «أنسنة مدينة الرياض» أن تزول كل العراقيل، خاصة ما يهم المشاة.

ولا شك أن هذا التوجه له مبادئه ونماذجه، وخيارات تراعي «العصرية» والعادات الاجتماعية، لذا يخوضه بعض المدن الكبيرة بالمملكة اليوم قبل الغد، حتى أصبحت «أنسنة» المدن إحدى التحديات الكبيرة التي تواجه العديد من المجتمعات، ولا سيما في المدن القائمة فعليا والقديمة، حيث يسعى مسؤولوها إلى أنسنتها، لتكون أكثر ملاءمة لحياة الإنسان العصري وصديقة له، وليست مجرد مكان يعيش فيه. ونتمنى أن يتحقق ما تضمنه هذا المشروع في هذه المدينة، وثم يمتد إلى سائر مدن المنطقة، لا نقول خلال أشهر، ولكن ما بين سنتين وخمس، بعدها سنقيم نتائج هذا البرنامج.