يرى العديد من الخبراء والتقنيين وصناع السياسات في مجال الطاقة والاستدامة بإجماع دولي متزايد أن الهيدروجين وتقنيات إنتاجه سيلعب دورًا رئيسا في انتقال العالم إلى مستقبل الطاقة النظيفة والمستدامة. تكمن تلك الأهمية في المساعدة على تقليل انبعاثات الكربون في قطاعات الصناعة والنقل الثقيل، بالإضافة إلى ضمان توفير حلول لتخزين الطاقة على المدى الطويل وعلى نطاق واسع.

يعد الهيدروجين بصفته ناقل طاقة متعدد الاستخدامات، بحيث يمكن إنتاجه من مجموعة واسعة من المصادر، واستخدامه بعدة طرق في قطاع الطاقة بأكمله.

ولإلقاء نظرة سريعة على طريقة إنتاج الهيدروجين في الوقت الحالي، فإنه يتم إنتاجه في جميع أنحاء العالم بشكل أساسي صناعيا من الغاز الطبيعي عن طريق عملية «Steam Methane Reforming»، وتنتج أيضا عن ذلك انبعاثات كربونية ضارة، قد تخلف آثارا بيئية وصحية يتعدى ضررها على المدى البعيد. فبحسب تقديرات الوكالة الدولية للطاقة (IEA)، عملية إنتاج الهيدروجين مسؤولة عن إطلاق نحو 830 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون كل عام في الغلاف الجوي، ويُعرف هذا النوع التقليدي في إنتاج الهيدروجين باسم «الهيدروجين الرمادي».

على الجانب الآخر، يمكن إنتاج الهيدروجين في شكله المنخفض الكربون أو ما يسمى «الهيدروجين الأزرق» عن طريق التقاط انبعاثات الكربون قبل انتشارها في الغلاف الجوي، لكي يتم بعد ذلك تخزينها أو إعادة استخدامها في صناعات أخرى عن طريق تقنيات «CCUS».

وفي إطار سعي المملكة لتنويع مصادر الطاقة، وإيجاد فرص تعاون دولي واستثمارات في مجالات الطاقة النظيفة ضمن نهج الاقتصاد الدائري للكربون (CCE)، أعلنت شركتا «أرامكو» و«سابك» أخيرا، بالشراكة مع معهد اقتصادات الطاقة الياباني (IEEJ) ووزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانية، تصدير 40 طنًا من الأمونيا الزرقاء عالية الجودة إلى اليابان، لاستخدامها في توليد الطاقة النظيفة منخفضة الانبعاثات.

يأتي هذا التعاون والإنجاز في ظل تعهد اليابان بالتزاماتها بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري 26% بحلول 2030، بالإضافة إلى سعي المملكة الحثيث لمواكبة التقدم في مجال الطاقة النظيفة، بصفتها لاعبا رئيسا وقياديا في أسواق الطاقة العالمية، وفي ظل التوقعات المتزايدة للدور الذي سيلعبه الهيدروجين في المستقبل.

يمكن لـ«الأمونيا الزرقاء»، التي تتكون من ذرة نيتروجين وثلاث ذرات هيدروجين، ويتم إنتاجها من «الهيدروجين الأزرق» كمرحلة أولى، أن تُسهم في مواجهة تحديات ارتفاع الطلب العالمي على الطاقة بطريقة موثوقة ومستدامة وأسعار معقولة.