قال لي وهو يحاورني: سمعتُ بوادر صلح بين بلادنا وقطر، وسيكون موقف الذين تكلموا على قطر محرجًا لهم، وكان ينبغي تجنيب الشعوب خلاف الحكام.

فقلت: إذا قرر ولي أمرنا الصلح وعودة العلاقات فهذا يسرنا، لعلمنا أن ولي أمرنا لا يختار إلا ما فيه مصلحة ديننا وبلادنا، ثم إن ذلك من صلاحياته التي جعلها الشرع له، فلا يصح أن يُنازعه في ذلك أحد، والأدلة الشرعية على ذلك كثيرة معلومة.

فقال: لكن ما تقول في الذين تكلموا على نظام قطر، أليس موقفهم محرجًا بعد الصلح؟

فقلت: لماذا جعلته موقفًا محرجًا؟ بل هو موقف مشرف، نحن مع دولتنا وقيادتنا، أما الموقف المحرج فهو لمن صار سلبيًا، ووقف متفرجًا.

وأنا أسألك: لو أن قومًا تآمروا على أبيك لتقسيم ممتلكاته والإساءة له بغير حق، فحصل خلاف بينهم وبين أبيك، هل تكون متفرجًا معتذرًا بأن أباك ربما يصطلح معهم في يوم من الأيام، أو تكون مع أبيك لدفع الظالم؟ فقال: بل أكون مع أبي ولا شك.

فقلت: وهكذا يجب أن نكون مع قادة بلادنا من باب أولى، ولا يمكن حفظ سور بيتنا الصغير، إلا بحفظ سور بيتنا الكبير، وهو «الوطن».

ولا يخفاك جملة من الأحاديث تأمر بلزوم إمام المسلمين، هذا ما تقتضيه عقيدتنا ألم تسمع قول النبي، عليه الصلاة والسلام: «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم».

فقال: هذا صحيح لكن ألا ترى تجنيب الشعوب خلاف الحكام، كما يقوله بعض الناس؟

فقلت: لدينا أدلة من الكتاب والسنة في ذلك، وعليه: فلسنا بحاجة لكلام أحد من الناس، فالصحابة كانوا مع رسول الله في مصالحاته ومقاطعاته، ولم يقولوا نحن رعية لاعلاقة لنا بمصالحات ولي الأمر ومقاطعاته، وما حديث الثلاثة الذين خلفوا عنَّا ببعيد، قاطعهم الرسول، عليه الصلاة والسلام، فقاطعوهم، ثم وصلهم فوصلوهم.. ثم من العجب العجاب إرادة الفصل بين الشعب وحاكمهم، في قولك تجنيب الشعب خلاف الحكام.

إن مقاطعة ولي أمرنا لدولة أو كيان هو من أجلنا، وللذود عن أمننا ووطننا ومحارمنا، فكيف لا نكون معه؟! بل إن من أهم مقتضيات البيعة الشرعية، أن نكون سِلْمًا لمن سالَمه، وحَرْبًا لمن حاربه، من أعداء الدين والوطن.

فقال: جزاك الله خيرًا، وأنا أحببت الفائدة لأني أسمع من بعض المتعاطفين والمحايدين يتحدثون في ذلك.

فقلت: المتعاطف والمحايد لم يفهم العقيدة الصحيحة، وإلا لكان مع موقف قادته لحديث «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم»، وقضية بلادنا عادلة يمكن الرد على المسيء بعلم وعدل لا بجهل وظلم.