تتقدم المملكة العربية السعودية في المجال التقني والتحول الرقمي، بشكل سريع ومؤثر نحو إيجاد حكومة إلكترونية قوية، وخلال السنوات القليلة الماضية أثبتت الجهات الحكومية كافة، أنها تسير على الطريق الصحيح، فقد أصبحت التقنية فاعلة في إنجاز كافة المعاملات و إصدار الرخص والوثائق. كما رأينا عقد الاجتماعات واللقاءات والقمم والبرامج والفصول الدراسية، كل هذا وأكثر شاهدناه متجسدا في العالم الرقمي، المؤثر في حياتنا ومصالحنا بشكل مباشر.

ولأن هذا العالم الموازي هو من صناعة البشر، فقد نقلوا إليه خيرهم و شرهم، فهو ليس عالما محايدا أو مسالما على الإطلاق، ولقد رأينا عدد الهجمات الإلكترونية التي حاول أعداؤنا شنها أثناء انعقاد قمة العشرين، والتي تم صدها بالكامل بفضل الله، وتوج هذا الانتصار بنجاح القمة نجاحا مدهشا.

وعلى مستوى العالم فقد أوردت قناة CNN خبرا مفاده أن واحدة من أقوى شركات أمن المعلومات، هي شركة FireEye كانت قد تعرضت لهجوم سيبراني منظم، ضرب مصالح عملاء الشركة في كل أنحاء العالم، وأدى لتسريب معلوماتهم، وكان من أهم عملاء الشركة المتضررين، وكالة الأمن القومي الأمريكية والمباحث الفيدرالية الأمريكية.

هذه الأحداث وغيرها توحي بأن البشر يتحولون تدريجيا للحروب السيبرانية. وعلى هذا فإنه من المهم جدا أن نضع إستراتيجيات وخططا استباقية، وأن يتم الأمر بشكل منظم وجاد فالاستهداف موجود والخطر قائم.

إننا بحاجة إلى وضع خطة استباقية تتنوع بين الهجوم والدفاع، وتشمل تدريبا مكثفا يغطي قطاعات ومؤسسات الدولة كافة. كما أنه من الضروري وضع فريق أمن سيبراني في كل دائرة حكومية، وتدريب المسؤولين والموظفين والطلبة، كل على قدر احتياجه ونشاطه الرقمي.

نحن ندرك أننا اليوم في عالم مختلف وجديد، والمتوقع أن الأجيال القادمة سوف تصبح أكثر ولوجا لهذا العالم، وربما سيأتي زمن يكون وجود الإنسان على الشبكة وما يشاركه من محتوى، هو المقياس المعتبر لكل ما يتعلق بحياته.

من هنا فإن الاستعداد الأمني لهذا العالم الجديد، يجب أن يبدأ الآن ولا يُستثنى منه أحد.