شاهدت مقطع الفيديو الخاص بعملية الإنقاذ في محافظة المجاردة، والتي نفذها البطل الشاب عامر موسى الشهري في مركز أحد ثربان بمحافظة المجاردة، وكررت مشاهدة المقطع عدة مرات، وقد لاحظت الفداء والتضحية الكامنة في روح هذا الشاب، الذي يدل على أصالته وتربيته على الفداء والتضحية بالنفس لبقاء الآخرين.

وشدني أيضا سرعة اتخاذه للقرار وحبه واندفاعه لإنقاذ تلك الروح، ثم البدء بالتنفيذ، حيث نجح في إنقاذ ذلك الفتى الذي كان سيكون من عداد المفقودين ثم بعد نجاحه في المهمة سجد لله شكرا وحمدا، وانهارت عيناه بالدموع فرحا لأن الله أكرمه بهذا الإنجاز.

وقد عادت بي الذاكرة إلى الثامن والعشرين من يناير عام 1988 حيث كنت وقتها في حرس الحدود برتبة نقيب قائدا لإحدى الوحدات البحرية في مدينة ينبع، ففي مساء ذلك اليوم وصلتنا إشارات استغاثة من طاقم قارب على بعد 12 ميلا بحريا، 22.22 كيلو، من ميناء ينبع عندما ارتطم قاربهم بشعاب مرجانية، مما أدى إلى تحطم قاربهم بسبب الأجواء الصعبة لشدة الرياح وارتفاع الأمواج، وفي الحال بدأ الطاقم المكون من ملازم وخمسة أفراد بتشغيل الزورق المعد للإنقاذ وكان الطاقم مندفعا بالإصرار وروح المغامرة والاندفاع لإنقاذ الأرواح رغم الأجواء الصعبة، وكان ذلك البطل وطاقمه يلح علي بالسماح لهم بالشخوص إلى عرض البحر للقيام بعملية الإنقاذ وتقديرا مني للموقف نظرا لأن الزورق بحالة ممتازة من ناحية التجهيزات الملاحية والفنية ولأن الطاقم متمرس على هذا النوع من المهام سمحت لهم بالإبحار، وقد استغرقت عملية الإنقاذ 18 ساعة تكللت بالنجاح، وتم إنقاذهم من الغرق وهم ثلاثة أمريكيين يعملون في شركات صناعية، وكم كنت سعيدا وأنا أراهم يصلون بسلام وأبناؤهم وزوجاتهم في استقبالهم وعيونهم تنهمر بالدموع.

وكان قائد الزورق المنقذ وطاقمه سعداء حيث إن ذلك الملازم ترقى في الرتب حتى تقاعد برتبة لواء بحري دكتور، وهو حاتم غازي البشر، وقد تم الإشادة بهذه العملية في جريدة عرب نيوز صفحة كاملة بعنوان إنقاذ في البحر الأحمر في يوم السبت 6 فبراير عام 1988، وأجريت مقابلات مع الأمريكيين الثلاثة الذين تم إنقاذهم وقد تحدث جون فيشباك (إن هذه العملية تعد فخرا لحرس الحدود السعودي لسرعة تحركه وجهده في إتمام الإنقاذ وكفاءته في التنسيق لإجراء عمليات الإغاثة)، وأضاف إن حرس الحدود الأمريكي نفسه قد لا يستطيع إتمام هذه العملية بنفس كفاءة حرس الحدود السعودي وبنفس السرعة والإتقان).

وقال زميلاه الآخران (إننا نقدر بعمق ما قام به حرس الحدود من عمليات إنقاذ، وإن كل ما أداه كان متقنا ويستحق الإطراء والثناء) وإنني بقدر ما كنت فخورا في ذلك الوقت بتلك العملية، فأنا فخور أيضا بما نفذه عامر في نفس الشهر في يناير 2021 بعملية إنقاذ شجاعة لأنه يمثل خصال الشهامة والشجاعة والنخوة والمساعدة عند الحاجة، ويستحق التقدير والاحترام، ويستحق أن يحتفى به على أعلى المستويات؛ لأنه ضحى بنفسه وهي أعلى درجات التضحية، وكم هو كبير رسم البسمة على وجه والد ووالدة الفتى الذي تم إنقاذه، وأخيرا فإني آمل وأتمنى من المسؤولين مكافأة هذا الشاب بالتالي:

تسمية أحد شوارع محافظة المجاردة باسمه.

منحه نوط الإنقاذ.