مستقبل المجتمعات لا يتحدد وفق المؤشرات الاقتصادية فقط، وإنما وفق رأس المال البشري الذي يناضل من أجل الأفضل، ويعمل على تطوير قدراته، ليكون الأميز. كثير من المجتمعات تتعرض لتشوهات تصيب تراثها وثقافتها، ولكن العظيم من تلك المجتمعات الذي يعمل على إزالة تلك التشوهات البصرية، لتكون في أبهى الصور وأجملها. تلك المجتمعات الحالمة تسارع إلى تحقيق أحلامها، فتنعش أفكار أبنائها، وتزيل عن أكتافهم آثار الكسل والخمول، وتجعل من أجيالها القادمة علامات فارقة في الإبداع والابتكار.

بناء مستقبل المجتمع يكون من خلال رؤية حاجة الفرد في ذلك المجتمع، وما هي أحلامه وطموحاته، وهل له القدرة على تحدي الصعاب وتحقيق المستحيل؟.

من المهم جدا عندما ندعو المجتمعات إلى الأعمال المتميزة أن ندلهم على الوسائل التي تساعدهم في تحقيق أحلامهم ونيل مبتغاهم، ولا سيما أن كل مجتمع لديه الكثير من الفرص والإمكانات، وهنا يأتي دور قادة التنمية وأفراد المجتمع في تحويل تلك الفرص إلى إنجازات، تنعكس على المجتمعات والأوطان.

تحقيق الأحلام الصعبة ليس من مسؤولية الحكومات فقط، بل يجب على المجتمعات أن تسهم في التنمية والتحسين. كما أن النجاحات المتتالية هي الحافز الأكبر والباعث الأساس للشعور بروح التحدي وتجاوز الصعاب.

جازان العروس المتأنقة والمتعطرة بعبير الفل والكادي والريحان، جازان التي تبهر الجميع بخطواتها التنموية يوما بعد يوم، جازان التي يغبطها الآخرون على قائد تنميتها وعراب نهضتها. جازان الأمان والاطمئنان بحدها الجنوبي، جازان الخضرة والشواطئ والأمواج الهادئة والجبال الشاهقة، جازان الطيبة والكرم والجود، جازان الأناشيد والأهازيج والعبير التي ارتفعت من الأرض لتشق عنان السماء.

بعد أيام تحتفل جازان بمهرجان البن، بن جازان الذي أصبح علامة تضاف إلى نجومها المتلألئة ومهرجاناتها العديدة مثل المانجو والعسل. البن الجازاني تجاوز الحدود، ليصبح مطلبا عند العديد، بل وأكثر تفضيلا من البن المستورد الذي يفتقد عبق القهوة المحمصة من جبال بني مالك وجاراتها. ومع اقتراب موعد الاحتفال يجب أن نذكر الدعم المقدم من «أرامكو»، من مبادرات لتمكين المجتمعات المحلية، وتشجيع الحرف التقليدية، وتزويد المزارعين في تلك المحافظات بالأدوات والتدريبات اللازمة، لتمكينهم من تحسين جودة منتجاتهم. وعلى الرغم من الارتفاع الملحوظ في إنتاج البن المحلي، الذي تجاوز 300 طن، فإن المستهدف ما زال يحتاج إلى مزيد من الدعم والعمل.

وفي خضم الاستعداد لهذا المهرجان السنوي، تنشر صحيفة الوطن تقريرا عن توصل خبراء من جامعتي جازان والملك عبدالعزيز، بعد عام من التجارب والأبحاث الميدانية، إلى نجاح زراعة «العود» و«الصندل» في المنطقة بإسهام من ماليزيا ومعهد أبحاث الغابات بكيرلا في الهند. وأوصى فريق الخبراء بتوطين زراعة «العود» و«الصندل» في محافظات القطاع الجبلي. وشجرة الصندل، حسب رأي خبراء الزراعة، هي ثاني أغلى شجرة في العالم بعد الخشب الأسود الإفريقي، وتنمو تلك الشجرة في درجات حرارة معتدلة تتراوح ما بين 22 و28 درجة مئوية. وأخيرا، اللهم احفظ جازان جنة الأرض والإنسان.