نجحت إدارتا ناديي الأهلي والاتحاد عبر بيانهما المشترك أخيراً في التهدئة، وإن كانت مؤقتة، للأجواء الساخنة التي حاصرت مواجهتي فريقيهما التاريخيتين في نصف نهائي دوري أبطال آسيا يومي 22 و31 من الشهر الجاري، وتؤكد مصادر "الوطن" تدخل أطراف شرفية كبيرة بين الناديين لإعداد صيغة البيان بعد ما حدث في صالة نادي الاتحاد عندما تعرض جمهور الأهلي الحاضر لنهائي تنس الطاولة الخليجي لمضايقات تسببت في شج رأس أحد الأطفال الحاضرين إلى جوار والده، وتفاجأ بعدها الحضور بفصل التيار الكهربائي عن الصالة المحتضنة للقاء بعد احتفال الجمهور الأهلاوي بالبطولة.

وجاء هذا التدخل الشرفي خشية من تكرار تلك المشاهد وسط حضور جماهيري ينتظر أن يصل ذروته خلال اللقاءين الكرويين المهمين، خاصة الأول "الذهاب" لتزامنه مع إجازة الطلاب والموظفين السعوديين.

وتحدث البيان المشترك عن العمق التاريخي في العلاقة بين الناديين والتنظيم الجديد الذي سيكفل للفريق الضيف الحصول على 10% من مقاعد الدرجة الأول بالإضافة لكامل الدرجة الممتازة والمناصفة في المنصة على أن يحصل المستضيف على حقه كاملا في الدرجة الثانية.

واعتبر الأخصائي النفسي طلال بن عبود، أن ما قامت به إدارتا الناديين كان يجب أن يتم في وقت مبكر، وأضاف "يجب وضع حد للانفلات الذي تشهده المنتديات على الشبكة العنكبوتية، فنحن اليوم نعيش ما يشبه الحرب الإلكترونية التي قد تتسبب في انفجار الوضع بين ناديين شقيقين"، مستذكراً عددا من المواقف المميزة بين الناديين، ومستشهداً بحادثة المدافع الاتحادي أحمد خريش الذي تعرض لإصابة بالغة خلال مواجهة سابقة للفريقين ورفض بعدها لاعبو الأهلي إكمال دقائقها المتبقية، مستطرداً "كان الاتحاديون سيلعبون ذات الدور لو كان المصاب أهلاوياً.. الأهلي والاتحاد عنوان مدينة جدة الكبير ولا يكاد يخلو بيت من بيوتها من وجود منتمين للناديين معاً".

وظهرت على السطح وتحديداً قبل البيان التاريخي، روايات عديدة أججت من حالة الاحتقان بين جماهير الناديين الكبيرين، لعل من أبرزها ما ذكره نائب رئيس الاتحاد، المهندس عادل جمجوم، وبحسب تأكيدات أهلاوية، خلال اجتماع ممثلي الناديين مع مسؤول مكتب رعاية الشباب والمسؤول الأمني لبحث مسألة التقسيم، بأن رفضهم لتقسيم ملعب المباراة عائد لإمكانية استفادتهم من عقوبة ستطال جمهور الأهلي في لقاء الذهاب وتحرمه بالتالي من جماهيره في موقعة الإياب، مما دعا بعض الأهلاويين لإعلان خشيتهم من أن يكون هذا الحديث إرهاصا لمخطط اتحادي للإيقاع بالأهلي وتعريضه لعقوبة الحرمان من جمهوره إياباً، وذلك بزرع جماهير لا تنتمي للأهلي لإلقاء الألعاب النارية، وفي الجانب الآخر اعتبر الاتحاديون ما حدث في صالة ناديهم خلال نهائي تنس الطاولة الخليجي من ترديد جماهير أهلاوية حاضرة لأهازيج استفزازية، بحسب أقوال مسؤولين اتحاديين، تأكيدا على أنهم عامل رئيسي في إشعال الصراع الجماهيري، حتى أن مشجعا اتحاديا عبر إحدى المنتديات طالب جماهير ناديه بالحضور إلى ملعب عبدالله الفيصل بالسكاكين والأمواس والاشتباك مع أي مشجع أهلاوي يفكر في حضور اللقاء، معللاً مطالبته تلك بأن الاتحاد حسب النظام يجب أن يحظى بأغلبية المدرجات 92%، وهذا ما كفلته له أنظمة الاتحاد الآسيوي ذهاباً.

ويأمل الرياضيون السعوديين بمختلف ميولهم، أن تكون الجماهير الأهلاوية والاتحادية على درجة من الوعي، وأن يكملوا البيان المشترك ويجعلوا من لقائهم الفخم المقبل واجهة جميلة تعكس الصورة المثالية للجماهير السعودية؛ خاصة وهو حدث سيكون تحت أنظار متابعي الكرة في أكبر قارات العالم.

يذكر أن التاريخ الرياضي يحفظ عدداً من الأحداث الساخنة التي تنضوي تحت مظلة الشغب وكشفت مدى الاحتقان الذي تشهده ملاعب الكرة، فمحلياً سبق لصحيفة "عالم الرياضة" أن نشرت قبل أعوام حادثة تعتبر دخيلة على مجتمعنا بعد وفاة مشجع أهلاوي بسكين شقيقه الاتحادي نتيجة مناوشات بين الطرفين حول الفريقين، وعربياً لم تبرح ذاكرة الكثيرين مذبحة بورسعيد في الأول من فبراير هذا العام التي ذهب ضحيتها عدد من مشجعي الكرة المصريين بسبب لافتة حملها أحد مشجعي الأهلي "بلد زبالة مجبتش رجالة" في مباراة فريقه مع فريق المصري، وأدى ذلك لوفاة أكثر من 73 قتيلا ومئات المصابين في أكبر كارثة في تاريخ الرياضة المصرية بل والعربية.

وسبق ذلك اقتحام جماهير نادي الزمالك لإستاد القاهرة قبل نهاية مباراة فريقهم أمام الإفريقي التونسي في دوري أبطال أفريقيا في أبريل العام الماضي، فيما عرف إعلامياً وشعبياً بموقعة "الجلابية"، نسبة لشاب اقتحم الملعب والتقطته كاميرات الصحافيين وكان يرتدي الزي "الصعيدي".

وتسببت مباراة كرة القدم الفاصلة بين منتخبي مصر والجزائر المؤهلة لكأس العالم الأخيرة بجنوب أفريقيا في نشوب أزمة سياسية، إعلامية، بين الطرفين بعد اعتداء الجماهير الجزائرية على الجماهير المصرية بسبب أحدث الباص في موقعة الإياب في القاهرة بين الطرفين، وشهدت لغطاً كبيراً بين إعلام البلدين، بالإضافة لسحب السفراء للتشاور حول حادثة جاءت بسبب عصبية مبالغ بها عادة ما تشهدها لقاءات البلدين.

وتعتبر حادثة نهائي دوري أبطال أوروبا لموسم 1984 التي سميت بـ "أسود ساعة في تاريخ المسابقات الأوروبية" بين يوفينتوس وليفربول على إستاد هيسيل، أحد أهم أحداث الشغب العالمية، حيث وقعت كارثة قبيل انطلاق المباراة بساعة واحدة بعد تدافع عدد كبير من مشجعي ليفربول على الحاجز الفاصل بينهم وبين مشجعي يوفينتوس مما تسبب في وفاة 39 شخصا معظمهم إيطاليون وجرح المئات منهم.

وتعتبر أعمال الشغب في الملاعب الرياضية ظاهرة سلبية تعاني منها الرياضة العالمية، وإن كانت أحدث التقارير تُشير إلى أن الملاعب العربية شهدت 23 حادث شغب في ملاعبها الرياضية، مقابل 18 حادث شغب في ملاعب أوروبا والأميركيتين، وتأتي مصر وتونس والجزائر في مقدمة الدول العربية الأكثر عنفاً وشغباً في ملاعبها.