• قبل سنة التسعين الميلادية من القرن المنصرم، وتحديداً قبل الغزو العراقي ودخول الكويت، كان الكويتيون ملء السمع والبصر، في الثقافة، والغناء، والدراما، والكوميديا والمسرح، وكرة القدم، وكانوا الأبرع على الإطلاق في برامج ومسلسلات الأطفال، وحتى في تجربتهم السياسية الحقيقية والواعية، والتي ربما كانت الفريدة من نوعها، ليس في الخليج، بل في العالم العربي كله، لكن الكويت ما زالت تتألم منذ الغزو، وهذا من أبشع ما تتركه الحروب خلفها؛ أنها تنهك الإنسان وقدراته، وموهبته، ووعيه، تماماً كما تنهك الصواريخ البنايات، وكما تهرس الدبابات الشوارع والأرصفة!

• لم تكن الكويت تعرف منع الكتب، ولا مطاردة المثقفين ولا التضييق عليهم في أرزاقهم وتهميشهم، ولا اتهامهم في دينهم ووطنيتهم، بل لقد أسست مجلساً وطنياً للثقافة والفنون والآداب، كانت منجزاته أعمق وأكبر من أي مؤسسة أخرى في الخليج وربما في الوطن العربي، ولو لم يكن له إلا تلك السلسلة العظيمة والبارعة "عالم المعرفة" والتي أنتجت ذلك الكم المدهش من الأدب والفكر والفلسفة.. ذلك المجلس أصدر ما يربو على الأربعمئة مؤلف، كل واحد منها لا تقل قيمته عن الآخر، ناهيكم عن مجلة عالم الفكر، ومجلة الثقافة العالمية، وسلسلة إبداعات عالمية، ومنذ بضع سنين أصدرت جريدة الفنون!

• في كرة القدم، كان منتخب الكويت يكتسح الجميع بالأربعة والخمسة أهداف، ولم يكن يقف بوجهه أحد، وكانت بطولة الخليج شيئاً حماسياً ومذهلاً، لأنك ترى فيصل الدخيل والعنبري ومحبوب جمعة، وقبل ماجد عبدالله ومحيسن الجمعان، ويوسف الثنيان ما كنا نعرف مجاراة الكويتيين ولا هزيمتهم!

• من ينسى فرقة تلفزيون الكويت، التي قدمت أجمل الغناء، ومن لا يطربه عوض الدوخي، أو عبدالكريم عبدالقادر، أو أحمد الجميري وغيرهم وغيرهم.. وكل هذا أين هو الآن؟! وقديماً تشكلت ذاكرة أجيال داخل الكويت وخارجها، وبالأخص عندنا، نحن السعوديين، على خالد النفيسي، وإبراهيم الصلال، وسعاد عبدالله، وحياة الفهد، وغانم الصالح، ومريم الغضبان، وعبدالله الحبيل، وأحمد الصالح.. إلخ، وذاكرتنا مليئة بـ(نعمان وافتح يا سمسم، واقحطة، وخالتي قماشة، وحبابة، وخادم المصباح، ومحظوظة ومبروكة، وغضب غضب!) وكل هذا أين هو الآن؟!

• في رمضان، كانت الفنانة القديرة؛ مريم الغضبان – رحمها الله - ترافقنا كل ظهيرة، في مسلسل الأطفال "حبابة"، تحكي للبنات والأولاد، وهم ملتفون حولها، عن الأيام القديمة والذكريات.. وعلى هذا الرابط مقطع من تلك البقايا الطيبة:

http://www.youtube.com/watch?v=70Ygp921L0E

• كلمة إلى أهلنا: ليتنا نفهم الذي مضى، وليتنا نتقن مثله، لنتجاوزه يوماً.. ورمضان مبارك وطيب عليكم!