في نفس اليوم الذي وصل فيه "فهد إبراهيم عريشي" إلى دبي للانضمام لنخبة المعلّقين الرياضيين بقناة أبو ظبي الفضائية تم إلغاء حقوق قناة أبو ظبي في تغطية الدوري السعودي لكرة القدم، وضاعت فرصة فهد بأن ينضم إليهم معلقاً رياضياً.

ضياع تلك الفرصة التي بحث عنها كثيراً لم تكسر طموح فهد بل جعلته يزداد إصراراً للبحث عن فرصة أخرى يحقق فيها حلمه بأن يكون معلّقاً رياضياً.

آلمه تبخر حلمه بأن يكون معلّقاً رياضياً بقناة أبو ظـبي، وهو يكفكف حزنه على متن الطائرة العائدة إلى جازان عاد بذاكرته إلى ملعب "الطليعة" الترابي في قريته "الجرادية"، وحماسة تعليقه على مبارياتها الصغيرة، ومشاركته للاعبي قريته والقرى المجاورة لها ضحكاتهم وآلامهم وتحدياتهم المثيرة، يتذكر تماماً أول مباراة علق عليها في ملعب قريته الصغيرة وكيف صفق له الجميع بإعجاب.

واصل هوايته بالتعليق في ملاعب الحواري، وفي دوريات كرة القدم التي تنظمها الشركات والقطاعات العسكرية متبعاً قاعدة: أن العظماء إذا لم يجدوا فرصة فإنهـم يصنعونها. في سبيل تحقيق حلمه لم يتوقف يوماً واحداً، أكمل تعليمه الثانوي وهو في صفوف العسكرية وصولاً إلى انتسابه لتخصص الإعلام في جامعة الملك عبدالعزيز.

الهدف الذي نسعى لتحقيقه يجب أن نقدم له الكثير من الهدايا حتى يستجيب لنا، وأعظم هدية نستطيع أن نقدمها له هو الإيمان به، وكذلك هو فهد، فمن أجل تحقيق حلمه الرياضي، قدم الكثير من الهدايا، أولها مكافحته بوظيفته العسكرية بعيداً عن أهله وقريته وأصدقائه، وأعظم هدية قدمها هي الإيمان بأنه سيحقق هدفه، ويصبح معلقاً رياضياً لا محالة.

طموح فهد بالتعليق الرياضي وتعليقه المستمر على المباريات الصغيرة أوجد له عددا كبيرا من المعجبين على اليوتيوب والفيسبوك، ولكن ذلك لم يكن أقصى طموحاته، فقام بتسجيل مقاطع فيديو طرزها بتعليقه لمباراة الاتحاد والأهلي وقدمها إلى قناة "سبورت لاين" التي كانت تغطي الدوري السعودي والآسيوي حينذاك، فوافقت بأن يعلّق على دوري أبطال آسيا كفترة تجربة ولكن لم تكد تنتهي فترة التجربة حتى تم إلغاء الدوري عن "سبورت لاين" وتم نقله إلى التلفزيون السعودي، وخاب أمله للمرة الثانية فلم يتجاوز خيبة أمله إثر إلغاء الدوري عن قناة أبو ظبي حتى واجه نفس المصير مع قناة "سبورت لاين".

كانت الفرصة مواتية تماماً لفهد بأن يحقق ما يصبو إليه مع "سبورت لاين" إلا أنه تأمل خيراً بأن يكون له نصيب مع معلقي قناة الرياضية السعودية، وانتظر حتى أعلنت القناة عن حاجتها لمعلقين رياضيين فسارع ليغتنم الفرصة حاملاً معه آماله وداعماً نفسه للمنافسة بتسجيلات لمباريات سبق أن علق عليها، وما إن أنهى إجراءات المقابلات الشخصية حتى خاب أمله إثر تجاهل المسؤولين عن المقابلات الشخصية مهاراته وخبراته السابقة ورفضهم له في مقابل اهتمامهم بمعلقين آخرين ليس لديهم أي رصيد من الخبرة.

أفشى للجميع غضبه وتذمره من عدم قبول لجنة المقابلات الشخصية في القناة الرياضية له واعتبره مجرد إقصاء ورفض يعتمد على الأهواء الشخصية لا على معايير التعليق الرياضي المحترف. تناولت الصحف الرياضية والإلكترونية قضيته مما أوصل صوته لمدير عام القنوات الرياضية الذي صرح للإعلام بأنه خارج السعودية في مهمة عمل وبمجرد رجوعه سيقف على قضية إقصاء فهد من قبل لجنة قبول المعلقين بالقنوات الرياضية، وهو ما تحقق فما إن أنهى مهمة عمله وعاد حتى بادر بتشكيل لجنة للنظر في القضية التي رفعت توصيتها بعد الاطلاع عليها بأن مهارات فهد تؤهله وبشكل مباشر للتعليق في القناة الرياضية السعودية، وتم قبوله بعد إنصافه من قبل الدكتور محمد باريان مدير عام القنوات الرياضية الذي أشاد بصوته ومهاراته، ولم تمض فترة قليلة على انضمامه لمعلقي القنوات الرياضية حتى أثبت جدارته وتم إدراج اسمه كمعلق رياضي في الربع النهائي لكأس خادم الحرمين الشريفين.

حينما تسمعون صوت "فهد إبراهيم عريشي" في 11 من شهر أبريل المقبل وهو يعلق على إحدى مباريات الربع النهائي لكأس خادم الحرمين الشريفين يجب أن تعلموا أن هذا الصوت دفع أكثر من 15 سنة من الكفاح والإصرار ومقارعة الخيبات والتمسك بالأمل لكي يحقق حلمه بالوصول إليكم.

طموح فهد ما زال مشتعلاً بعينيه، لا يريد فقط أن يكون معلّقاً رياضياً يختفي بمجرد ابتعاده عن منصات التعليق، بل يريد أن يرسخ بذاكرة التاريخ الرياضي، وفي قلوب الجماهير الرياضية.

من الخطأ أن نعتقد أن أحلامنا ستأتي إلينا ونضيع أعمارنا في انتظارها بل يجب علينا أن ننهض ونكافح في سبيلها دون يأس حتى نصل مهما كثرت في طريقنا العقبات واشتدت علينا الخيبات.

يقول الروائي والسياسي الإنجليزي إدوارد بولوير يتون: "احلم ببسالة ونبل وأحلامك ستصبح نبوءات".