وضع مدرب الرائد، الجزائري نور الدين زكري النقاط على حروف فلسفته التدريبية، وقيادته للفريق، كاشفاً عن أنه يعشق التحدي، وأن هذا هو السبب الأبرز لحرصه على البقاء مع الفريق، على الرغم من صعوبة ظروفه.

وشدد زكري على أن لقب الدوري السعودي انحصر بين النصر والهلال، مع أفضلية نسبية للأول، كاشفاً عن أن الكرة السعودية بلا هوية لغياب المدربين الوطنيين عن قيادة فرقها.

وعرج زكي للتحدث على أخطاء التحكيم، ورأى أنها مؤثرة للغاية، منتقداً الاستعادة بحكام أفارقة في معرض تحليل الحالات التحكيمية في الدوري، في إشارة إلى أن هؤلاء لا يكونون منصفين في العادة.

حدثنا بداية عن مشوارك مع الرائد بعد 17 مباراة بدوري جميل؟

عطفاً على العناصر، وبعض الأمور التي يعرفها كثيرون بعد رحيل عدد من أبرز اللاعبين الموسم المنصرم، ومغادرة 90% من لاعبي الفريق، حيث يعد الرائد الوحيد الذي بدأ الموسم بتشكيلة جديدة، فإن النتائج كانت جيدة جداً، وأتمنى أن نستمر فيها.

الفريق جديد وغير متجانس، لكنك قدمت مستويات لافتة وضعته في المنطقة الدافئة، هل كان الإعداد وراء ذلك؟

وجود بعض العناصر من الفريق الأولمبي والشبان أسهم في تحقيق النتائج الجيدة، رغم أننا لم نعسكر خارجياً، واكتفينا بالإعداد في الرياض، وكان ذلك متأخراً جداً قبل بداية الدوري بأسابيع، وحتى الإدارة تأخر تشكيلها، لكن هذا لم يعق العمل، فأنا شغوف بعملي وأعشق التحدي، وقبلت المجازفة.

لم يضمن الرائد البقاء، وربما يهبط لو تردت النتائج مستقبلاً، ماذا ستعمل حيال ذلك؟

الفريقان الوحيدان اللذان ضمنا البقاء هما النصر والهلال، أما البقية فحسابياً الخيارات مفتوحة وكل الاحتمالات واردة، ولا أؤمن بفلسفة البقاء، بل أبحث عن المراكز المتقدمة، وأمامي 9 مباريات ولدي متسع من الوقت والنقاط لتحديد ذلك.

لو أبقيت الرائد، هل ستستمر الموسم المقبل؟

لا أريد استباق الأحداث، تركيزي منصب بشكل على الموسم الجاري، بعده لكل حادث حديث، ظروف الفريق صعبة، لكني قدرت المسؤولية والتحدي لأنه لا يمكن لأي مدرب أن يجازف بتاريخه ويخاطر بتدريب الفريق بهذه الوضعية.

لماذا لم تطالب بدعم الفريق في ظل النقص الحاد في بعض المراكز؟

طالبت مراراً وتكراراً منذ قبل بداية الموسم الجاري، كنت أرغب برأس حربة صريح وظهير أيمن لكن ذلك لم يتوفر، واجتهدت بوضع لاعبين في غير مراكزهم لسد النقص، ومن المفترض أن يحضر المدرب والفريق شبه جاهز ودوره فقط غرس فلسفته وطريقته وشرحها للاعبين لتطبيقها، واضطررت لعمل بعض الأمور وهي ليست من اختصاصي، وخلال فترة الانتقالات الشتوية من سوء حظي أنني المدرب الوحيد الذي لم يتمكن من تسجيل محترفين جدد بسبب الشكاوى المالية على النادي.

هناك امتعاض شرفي لإبعادك 9 لاعبين تكفل الشرفيون بإحضارهم مطلع الموسم؟

لم أكن أعرف حينها أنهم أحضروا من قبل شرفيين، وعرفت ذلك فيما بعد، المفترض أن يحضر المدرب قبل التعاقد، لكن ما حدث هو العكس، وبعد متابعتي للاعبين في أكثر من تمرين اتضح أنهم لا يستطيعون اللعب في الدوري الممتاز، فيعضهم متوقف منذ أكثر من عام، وآخرون حضروا من أندية بدرجات أقل، فرفعت تقريراً فنياً بذلك، إذ لا يمكن المجازفة باللعب بهم، ولم أشاهدهم في أي ناد آخر، وهذا يدل على صواب تقديري.

تصر على أن قيادتك للرائد مغامرة؟

قبل التوقيع كنت أعرف بعض الأمور عن الدوري السعودي، وكانت لدي عدة عروض من فرق سعودية في السنوات الماضية، ولكن حينما جاءني عرض الرائد شجعني كثيرون على قبول المهمة، وذكروا بأنه بوابة لدخول الدوري السعودي لأنه من الصعب التعاقد مع الفرق الكبيرة.

وبعد سماعي عن الرائد وجماهيريته الكبيرة ومتابعتي عدة مباريات له اقتنعت بما شاهدته من أمور إيجابية يمكن أن أبني عليها فريقاً ممتازاً، لكنني فوجئت بوضع النادي عند وصولي، لكني قبلت التحدي والمغامرة، وهذا معروف عني، فأنا لا أخشى شيئاً.

دعوت للرائديين بلم الشمل في مكة المكرمة، هل الوضع الإداري متردٍ لهذه الدرجة؟

هذا حال النادي ولا يخفى على أحد، وأنا أعمل على مصلحة النادي لأنني أريد النجاح، ورأيت خلاف أعضاء الشرف وكثرة النزاعات، ولم أتعود هذه الأمور، لذا دعوت لأن يلتفت الرائديون لفريقهم ويدعموه حتى ينجح.

يلاحظ عليك العصبية الزائدة خلال المباريات، حدثنا عن ذلك؟

هي تبدو عصبية، لكن هناك من يبالغ بوصفها، هي عقلية إنسان وهي كاريزمتي الخاصة، وأنا أقوم بعملي بهذه الطريقة، وغيرتي على عملي تجعلني أظهر بهذه الوضعية، خصوصاً مع بعض الأخطاء التحكيمية.

تنتهج طريقة دفاعية لا يفضلها الجمهور، هل هي طريقتك، أم أن وضع الفريق أجبرك عليها؟

وضع الفريق حتم علي ذلك، وأي مدرب لا بد أن يجد توازناً لطريقة اللعب، سواء أكان دفاعياً أو هجومياً، والطريقة الأولى هي التي تنفع للرائد نظراً لظروفه الفنية لأنها السبيل الوحيد للحصول على النقاط.

حينما دربت وفاق سطيف الجزائري كنت أنتهج طريقة هجومية محضة، عكس ما يحدث في الرائد، أما الفلسفة الحقيقية فهي أننا ندافع لكي نهاجم والعكس، والكرة الحديثة تقول هكذا، ومثلاً إيطاليا فازت بكأس العالم بهذه الطريقة، وكذلك اليونان حققت كأس أمم أوروبا، والبرتغالي مورينهو فاز بدوري أبطال أوروبا مع إنتر ميلان الإيطالي بهذه الطريقة، وكذلك بن زكري فاز على الهلال بها.

نجحت مع وفاق سطيف الجزائري وحققت معه نتائج إيجابية، لماذا رحلت؟

خلال 8 أشهر حققت كثيراً من الإنجازات محلياً وقارياً، وكنت أرغب بمواصلة مشواري، لكن بعض الأمور لم تسر وفق ما أردنا، ووصلت طريقاً مسدوداً مع الإدارة فحصل الانفصال.

نعود لمباراة الهلال، حققت الفوز في وقت كنت قريباً من الإقالة، كيف ترى هذه المباراة تحديداً؟

التوفيق بيد الله، وأنا مؤمن بقدر الله، وقلت للاعبين قبل المباراة إنني غالباً ما أفوز في المباريات ضد الفرق الكبيرة، وارتفعت معنوياتهم وحققنا الفوز.

كنت أعمل للنجاح، ووضعت الرحيل في الحسبان، وكنت مستعداً له، مع عملي للبقاء والتحدي، وأذكر أن البعض قال لي قبل بداية الدوري إنني لن أكمل 3 أو 5 جولات ثم تأتي الإقالة، لكنني دخلت تحدياً خاصاً للبقاء على الأقل موسماً كاملاً مع الرائد، وأقدر وقفة رئيس النادي الذي لو استقال بأي لحظة سأستقيل بعده بـ30 ثانية.

على ذكر الهلال، كيف ترى مدربه سامي الجابر الوطني الوحيد في الدوري؟

سامي زميل وأخ عزيز، وأتمنى له النجاح لأنه شاب طموح ومدرب جديد يحتاج إلى وقت وسيكتشف نفسه مع الوقت وليس خلال عدة مباريات، وأرى أنه مشروع مدرب ناجح يخوض تحدياً ليس سهلاً.

هل تعتقد أنه سيصل بالهلال ليحقق مراده؟

لست أنا من يقرر نجاحه من عدمه، لكنه يخوض تحدياً كبيراً، وكان بإمكانه ألا يخوضه، ويبدأ بفريق صغير أولاً ثم يتدرج، أو يبقى مديراً رياضياً في الفريق، خاصة مع المكانة الكبيرة التي يحظى بها في الهلال، لكنه قرر أن يكون مدرباً ويجب دعمه، وأمامه تجربة وفرصة كبيرة، ويحتاج لسنتين أو ربما لثلاث ليظهر كل ما لديه، وأعتقد أنه سينجح.

هل تعتقد أنه سيمنح الثقة كمدرب وطني؟

أتمنى ذلك، فالدوري السعودي لا بد أن يكون فيه مدربون سعوديون، على الأقل 4 مدربين، و6 في دوري ركاء ليكون المجمل أكثر من 10 مدربين سعوديين في الميدان، وهنا تكون النسبة كبيرة لنجاح المدرب الوطني، وصناعة هوية لكرة القدم في هذا البلد الذي تدخل عليه عدة فلسفات تدريبية من شمال أفريقيا وأوروبا وأميركا اللاتينية، لكن أين هوية الكرة السعودية؟، هي ما يجب أن يصنعه المدربون الوطنيون الذين يغارون على البلد أكثر من الأجنبي.

هل تعتقد أن المسابقات السعودية تعاني أي خلل؟

الدوري السعودي لا يشبه الدوريات العالمية الناجحة من ناحية البرمجة، فهناك توقفات لا ينبغي أن تكون، وأوقات أخرى تستدعي التوقف ولا يتم ذلك، وأتعجب من برمجة المباريات وربكتها، لأنه في شهر من الممكن أن نلعب مباراتين ونتوقف، وفي آخر نلعب 8 مباريات وهذا صعب مع نمط الحياة الموجود هنا، وأستغرب من عدم وجود توقف شتوي وهو المعروف في العالم أجمع في 31 ديسمبر حيث تنتهي مرحلة الذهاب، وتبدأ تحضيرات جديدة مع فتح السوق الشتوي لتعدل الفرق أوضاعها، والحقيقة أنني رأيت مرحلة ماراثونية من الدوري السعودي لم أرها في حياتي!! ولا أعلم كيف خرجنا منها بأقل ضرر، وبهذه الطريقة يصعب على أي مدرب العمل بشكل جيد.

من لفت نظرك في الدوري، ومن تعتقد أنه سيكون البطل؟

من الصعب التكهن بأي فريق، سواء النصر أو الهلال، لانحصار المنافسة بينهما، رغم اعتقادي أن النصر أقرب بعد أن وسع الفارق لست نقاط مع الهلال.

هل ترى أن اللاعبين الأجانب يؤثرون إيجابياً في مستوى الفرق؟

لم ألاحظ لاعباً يصنع الفارق في الفرق السعودية باستثناء البرازيلي تياجو نيفيز في الهلال، والكاميروني كلودال أفولو في التعاون، وهما من صنعا الفارق وقدما مستوى عالياً جداً، أما البقية فلا أرى أنهم يفوقون اللاعب السعودي بنسبة كبيرة.

تحدثت عن التحكيم، هل يؤثر في سير المباريات في الدوري؟

نعم، ومن المؤسف ذلك، والكل شاهد ما حدث خلال مباراة النصر والرائد.. كنت أخطط من خلال تكتيك معين أن أصل للدقيقة 70 بنتيجة سلبية دون المبادرة بالهجوم، وأغلقت كل المساحات والمنافذ، وأعتقد أننا كنا ناجحين بتلك الطريقة تحضيراً للطريقة الأخرى بعد أن أصل لما أخطط له، وكنت أسعى للظفر بنقاطها كما حصل مع الهلال، لكن للأسف ظروف الأخطاء التحكيمية أسهمت في تلقينا الهدف الأول، ثم جاءت ضربة الجزاء غير الصحيحة لتدمر كل ما نخطط له، وأتعجب من بعض البرامج الفضائية التي استعانت بحكام أفارقه ليبرروا صحة ضربة الجزاء، وأنا بصراحة أعرف الحكام الأفارقة جيداً، ولا داعي لسماع رأيهم بالذات، فالسعودية تملك خبراء تحكيم يعون قوانين اللعبة جيداً، وحتى النصراويين أنفسهم اعترفوا بعدم صحة ضربة الجزاء.