يستحق الأشقاء في قطر ولا سيما مسؤولي نادي السد الشكر والثناء على مثاليتهم في التعامل مع جمهور الهلال في مباراة الإياب من الدور نصف النهائي، مجسدين مشاعر أخوية صادقة بمبادرة رائعة ونادرة في عالم كرة القدم التي لها قوانين تطبق دون غضب أحد.

تجسدت البادرة في فتح أبواب الملعب قبل دقائق من بدء مباراة (الإياب) المؤهلة للدور نصف النهائي آسيويا بعد أن تزاحمت الجماهير وتراص البشر أمام الملعب دون تذاكر بعد نفاد العدد المخصص بنسبة (8%) بعدد 1200 تذكرة من سعة ملعب جاسم بن حمد، إلى درجة أن مدرب السد حسين عموتة وبعض لاعبي الفريق المضيف أكدوا أن جمهور الفريق الضيف (الهلال) أكثر من جمهور فريقهم.

وكان بإمكان مسؤولي السد عدم الموافقة على منح مساحة أكبر للفريق الضيف لأن هذا أيضا يصب في مصلحة فريقهم، من خلال تطبيق لائحة الاتحاد الآسيوي دون غضب الطرف الآخر.

لكنهم ضربوا أروع المثل وفتحوا الأبواب في آخر الوقت وقبل أن تبدأ المباراة، بل زادوا في ضيافتهم بشاشات عرض في الساحة الخارجية لمن لم يتمكنوا من الدخول، حيث أشارت الأخبار إلى عبور أكثر من سبعة آلاف سعودي من الحدود البرية، وأغلبهم بالتأكيد حضروا لأجل المباراة. وشوهد بعض الجماهير في المقاهي والفنادق لتعذر دخولهم في وقت مبكر بعد أن نفدت التذاكر المخصصة، والأكثر جمالا أن بعض الهلاليين كانوا في مدرج السد دون أي حساسية أو مشاكل.

ما أجمل الرياضة حين تُستثمر بسمو مبادئها وتنافسها الشريف، سائلين الله العلي القدير أن يوفق أبناء منطقة الخليج للإلفة والمحبة على قلب رجل واحد.

أما فعالية الهلاليين فكانت ساطعة في الميدان والمدرجات، فالحضور الجماهيري كان في أفضل حال خارج الأرض مما كان له أثره البالغ في اللاعبين، بعد أن وجه الجمهور رسالة بليغة عن مدى أهمية تحقيق كأس آسيا ومؤازرة اللاعبين أينما حلوا وتعزيز جماهيرية النادي البطولي الكبير دون أي عقبات.

أما اللاعبون فكان تفاعلهم الانضباطي على العشب الأخضر فعالا ومؤثرا حتى في ظل مشاكل الأرضية (المحفرة - الموحلة) والقابلة للتطاير وهذا من أغرب السلبيات التي تسجل بحق ملاعب قطر المتكاملة والحديثة والمبهرة، وقد يكون بسبب الطقس الساخن جدا، وربما بسبب خلل في الصيانة والزراعة في ظل تواتر أخبار عن غمر العشب بالمياه قبل المباراة بنسبة أكثر من المحددة. وتأثر أداء الفريقين على صعيد سرعة نقل الكرة والتسديد والمرونة في الحركة، إضافة إلى (قلق) اللاعبين وتخوفهم من حدوث إصابات فيفقدون مزايا مهارية وتكتيكية.

وبالتأكيد فإن عودة الهلال بالتأهل يعد نجاحا كبيرا سيعزز من قيمة الفريق الفنية وشخصية المدرب وتفاعل الجمهور للمرحلة المقبلة، ولا سيما أن المدرب ريجيكامب حديث عهد بالفريق وكل مباراة تساعده على تطبيق خطته التطويرية مع تنامي الثقة فيه من المحيطين بالفريق وأنصاره وقبل ذلك اللاعبين.

وكون الهلال بات وحيدا يمثل الكرة السعودية فلا بد من دعمه بكل السبل لتحقيق الحلم الأكبر واستعادة وهج الكرة السعودية بطوليا، لمصلحة المنتخب في مسيرته القادمة بعد التغييرات الجذرية التي بدأت بتصفيات آسيا 2015 ونحن مقبلون على دورة الخليج الـ22 التي نستضيفها بالرياض في شهر نوفمبر تعقبها كأس آسيا في يناير المقبل. والقادم أصعب مع العين في أهم منعطف باستعداد خاص ومقنن وبقراءة فاحصة بأدق الحسابات.

على الجانب الآخر، نتمنى للاتحاد حظا باسما في المرات القادمة وأن يوفق القائمون عليه في إصلاح الخلل ليبقى العميد قويا، مترقبين التطورات المتلاحقة.