لليوم الثاني على التوالي، استمر غياب الجمهور السعودي عن مواكبة مباريات دورة كأس الخليج العربي في نسختها الجديدة، التي تحتضنها الرياض حتى 26 نوفمبر الحالي، ما طرح التساؤلات، حول ما إذا كان هذا الجمهور يعاقب منتخبه الذي يظهر منذ فترة بمستوى غير مرض؟ أم يعاتب المسؤولين عن الدورة لقصورهم في الجانب التسويقي والترويجي لها؟.

وبقيت فعاليات الدورة محصورة في المركز الإعلامي وملاعب المباريات، دون أن تواكبها حملات دعائية تروج لها في الميادين العامة والشوارع والمطارات والمولات الكبيرة، الأمر الذي انعكس سلبا على الشارع الرياضي.

وزادت النتيجة والأداء غير المرضيين اللذان آلت إليهما مباراة الافتتاح بين المنتخبين السعودي والقطري (1/1) من السخط الجماهيري الذي ترجم غيابا شبه تام عن ملعب مباراتي أمس، اللتين اقتصر الحضور فيهما على الجماهير الخليجية التي حضرت من بلادها لمواكبة منتخباتها.

وكان الاستغراب هو الحاضر الأكبر على وجوه الإعلاميين المواكبين للدورة، الذين كانوا يتوقعون حضورا استثنائيا بالنظر إلى شغف الجمهور السعودي باللعبة، واستنادا إلى حضور 63 ألف متفرج لنهائي دوري الأبطال الآسيوي الذي جمع الهلال بسيدني الأسترالي قبل أسابيع.

وعزا البعض ما يحدث إلى تفشي التعصب للأندية في الكرة السعودية، حتى بات الجمهور مشجعا لناديه فقط، في حين يحضر البعض مباراة المنتخب لمتابعة لاعب ناديه المفضل.




كانت الصدمة هي العنوان الأبرز لليوم الافتتاحي لدورة كأس الخليج العربي الـ22 المقامة في الرياض حتى 26 نوفمبر الحالي.

وتشعبت الصدمة والخيبة ما بين دهشة غياب الجمهور السعودي من جهة، وتواضع مستوى المنتخب السعودي بشكل لم يواكب ذاك الكم الكبير من التوقعات والترشيحات التي سبقت الافتتاح.

وأجمع متابعون للدورة على أن "المفاجأة السيئة" كانت حصيلة اليوم الأول من الدورة التي افتتحت أول من أمس بحفل مبسط ومباراتين لحساب الجولة الأولى من المجموعة الأولى، جمعت أولاهما المنتخبين السعودي والقطري (1/1)، وثانيهما اليمني والبحريني (صفر/صفر)، وانتهتا بلا غالب أو مغلوب.

ويقول الزميل رضا سليم موفد صحيفة "الاتحاد" الإماراتية للدورة: "كان مستوى مباراة الافتتاح دون توقعاتنا، فقد كنا نتوقع أن يقدم المنتخب السعودي أداء أفضل بكثير خصوصا أنه يمر بمرحلة تغيير، وأنه لم يقدم منذ فترة مستوى عاليا، وأن كلام رئيس الاتحاد السعودي أحمد عيد ومدرب المنتخب، الإسباني "لوبيز كارو" كان يوحي بأن فرصة السعوديين كبيرة، وأنهم سينطلقون في الدورة بقوة لتأكيد قوتهم وحضورهم الأفضل في نهائيات أمم آسيا المقبلة".

وأضاف: "بدا اللاعبون السعوديون متعبين ومرهقين، وخطة "لوبيز" كانت مفاجئة تماما، وكنا نتوقع منه مبادرة هجومية أكثر لينطلق في الدورة بشكل مرتاح، فيما كان القطريون أفضل على الرغم من التغييرات والغيابات، وظهروا أفضل بكثير في الشوط الثاني تحديدا".

وتابع سليم تشخيصه، قائلا: "كان الجمهور اليمني بطل الجولة الأولى، وقد أحرج وبقوة نظيره السعودي، ومن غير المنطقي أن يحضر إياب نهائي دوري الأبطال الآسيوي قبل أيام في الرياض 63 ألف متفرج، ثم نفاجأ بحضور متواضع في مباراة للمنتخب أول من أمس، حيث أعلنت ساعة الملعب قبل ساعتين من انطلاقة مباراته أمام قطر أن عدد الحضور 2831 فقط. قدرنا الجمهور السعودي بنحو 15 ألف متفرج فقط، ولولا جمهور اليمن لكان مشهد الملعب كئيبا ومحبطا للغاية".


لا مبررات

ورأى الزميل سعيد الهنداسي من صحيفة "الشبيبة" العمانية أن مستوى حضور حفل الافتتاح واليوم الأول للدورة كان مخيبا ومفاجئا للغاية، وأن الجمهور اليمني كان نجم الافتتاح، وقد غطى غياب نظيره السعودي.

وعن المستوى الفني ليوم الافتتاح، قال: "دائما ما يكون التحفظ هو عنوان الافتتاحيات، وفي مباراة السعودية وقطر كانت هناك محاولات للأول لفرض السيطرة والاستحواذ والتهديد، لكن قطر عادت في الشوط الثاني وكانت الأجدر والأقرب للفوز وأهدرت أكثر من فرصة محققة".

وعن مباراة اليمن والبحرين، قال: "حضور الجمهور أعطى المباراة الثانية روحا وحماسة خصوصا لليمنيين الذين لعبوا متأثرين بهذه الحماسة لذا لم نشاهد لهم أي هدف، وبدا أن مدرب البحرين، العراقي عدنان حمد لم يقرأ أوراق اليمن جيدا قبل المواجهة، ولم يقدر إمكانات اللاعب اليمني الذي افتقد فقط للمسة الأخيرة". وأضاف: "تعادل اليمن مع الكويت وخسر مع عمان في مبارياته الودية الأخيرة، لكن من الواضح أنه عمل بجد واجتهاد بعدهما، وأن مدربه قدم كثيرا للاعبيه الذين يبدو أنه منسجم معهم بشكل كبير، وهذا عامل مساعد للعمل.

مسؤولية الشعار

وبدا الزميل عبدالله البابطين من صحيفة "الأيام البحرينية" متفاجئا للغاية بحضور جمهور الافتتاح، وقال: "حضور الجمهور لم يتناسب أبدا مع حجم الدورة وتاريخها وما تعنيه للخليجيين، كما لا يليق مطلقا بحجم كرة القدم السعودية التي تمتاز بجماهيريتها على مستوى المنتخب والأندية".

ويضيف: "متابعة المشهد تكشف أن التعصب حول اهتمام الجمهور إلى الأندية على حساب المنتخب، وحتى المشجع الذي يأتي لمباريات المنتخب غالبا ما يفعل ذلك لمتابعة لاعب ناديه، وقد وصلت الأمور وللأسف إلى درجة الاتهام بالوطنية والانتماء، وبات من يقول إنه يشجع المنتخب يتهم بالنفاق، وهذا في اعتقادي يعود لأداء الإعلام الرياضي السعودي".

ولم يبرئ البابطين المنظمين من مسؤولية غياب الحضور الجماهيري، وقال: "هناك انعدام للترويج للدورة وهي تنحصر فقط في المركز الإعلامي والملاعب، أما في الشوارع والميادين والساحات والمطارات وأماكن التجمعات الجماهيرية فليس هناك ما يوحي أن دورة للخليج تقام في المملكة، وهذا تقصير اعترف به حتى مدير الدورة، لكنني لا أستبعد تصحيحا للمسار في الأيام المقبلة".

وحول المستوى الفني لليوم الافتتاحي قال البابطين: "يصعب الحكم من مباراة واحدة، لكن الخطوط العريضة تكشف أن المنتخب السعودي لم يستفد من الأرض والجمهور، وظهر لاعبوه بلا روح ولا انسجام رغم مهارتهم، فكانوا جامدين يفتقدون الإحساس العالي بالمسؤولية تجاه الشعار". وأضاف: "يعاني اللاعب السعودي خللا، فهو يتألق في بداياته، ثم يبدأ مستواه بعد ذلك بالتراجع دون مبرر، ويعجز عن استعادة مستواه بعد أن يتراجع".

وامتدح البابطين أداء منتخب قطر، وقال: "ظهر العنابي بأحسن مستوياته مع مدربه جمال بلماضي، لكنه ما يزال بحاجة إلى عمل كبير". وعن مستوى منتخب البحرين، قال: "ظهر المنتخب البحرين عكس التوقعات، وقدم مباراة نتمنى نسيانها، وعلينا أن نعوض في المباريات المقبلة خصوصا أننا فزنا من قبل على السعودية وقطر لذا فحظوظ الجميع قائمة".

وعن أداء اليمن، قال: "أهنئ اليمن على الروح والحماسة والأداء المتطور الذي عوض النقص الفني، وأتوقع أن تخطف الأضواء في دور المجموعات حتى لو لم تفز".


سنوات للخلف

وأكد الزميل أسامة أحمد عثمان من صحيفة "الرؤية الإماراتية"، أن حفل الافتتاح أعاد الذاكرة 10 سنوات للخلف، وقال: "كان الحفل معتمدا على التقنية البسيطة فقط، وخلا من المجاميع البشرية، وربما هو أسوأ افتتاح لأي دورة أو حدث أقيم في السعودية منذ سنوات.. وكان الحضور الجماهيري ضعيفا جدا جدا، مقارنة مثلا بحضور جمهور الهلال في نهائي دوري الأبطال الآسيوي في ذات الملعب".

وأضاف: "توقعت أن تضطر اللجنة المنظمة لوضع شاشات خارج الملعب لعجزه عن استيعاب الجمهور، لكن ما حدث كان محبطا للغاية.. والواضح أن الدورة محصورة فقط في المركز الإعلامي والملاعب، أما خارجها فليس هناك أي ترويج يليق بمستوى الحدث".

وحول المستوى الفني، قال: "عرف القطريون في الافتتاح كيف يمتصون الحماسة السعودية، وكشفوا أن لديهم كثيرا من الأوراق التي لعبوا بها في الشوط الثاني، فيما ارتهن السعوديون للترشيحات المسبقة، وهي ترشيحات على الورق فقط".