"إذا أردت أن تعرف حقيقة المدرب، عليك أن تراه في حالة الغضب".. هذه المقولة الدقيقة تجلت بوضوح أول من أمس، حيث كشفت مباراتا الجولة الثانية للمجموعة الأولى من "خليجي 22" فوارق عدة في التعاطي مع الغضب بين مدربي منتخب قطر، الجزائري جمال بلماضي، ومنتخب البحرين، العراقي عدنان حمد.

انتهت مباراة قطر واليمن كما بدأت بتعادل سلبي، وخرج كل فريق بنقطة يتيمة، وسقطت البحرين بشكل مدوٍ أمام الأخضر السعودي وبثلاثية نظيفة وخرجت بوفاض خال، وكان الأدهى أن هدفين من الثلاثة جاءا بنيران صديقة وبأقدام مدافعي البحرين.

عقب المباراة الأولى، دخل بلماضي قاعة المؤتمر الصحفي مقطب الحاجبين، غاضباً، وحينما طلب منه أن يتحدث عن رأيه في المباراة، رفض، وقال "اطرحوا اسئلتكم".

سرت همهمات هنا وهناك، وقال أحد الزملاء الإعلاميين "لماذا حضر طالما أنه لا يريد الكلام".

تخطى بلماضي تلك البداية العاصفة للمؤتمر، لكنه بقي متعاليا في إجاباته اللاحقة، ولم يظهر الاحترام اللازم للخصم، وألغى وجود المنتخب اليمني في الملعب، وقال "المباريات عادة تلعب بفريقين، لكني اليوم لم أشاهد إلا منتخبا".

ثم أكمل بالنسق ذاته "لا أحب هذه الطريقة.. لقد تقوقعوا في ملعبهم ورفضوا لعب كرة القدم".

احتد صحفي يمني في القاعة، وجد في الأمر انتقاصا من منتخب بلده، وسأل بلماضي "في مؤتمرك الصحفي الذي سبق المباراة قلت إنك تعرف نقاط قوة وضعف المنتخب اليمني، لماذا لم تستغلها أو تتعامل معها؟".

وتضايق آخر من تعالي المدرب، وقال "إن كنت تغضب من خروجك متعادلا، فكيف ستتعامل حينما تواجه منتخبات أقوى وتخسر.. عليك أن تتخلى عن غضبك إذا ما أردت الاستمرار".. لكن بلماضي رد متهكما "شكرا للنصيحة".. ثم بدا أنه لم يشف غليله، فقال "أعمل في هذا المجال منذ خمسة وعشرين عاما، ولا أحتاج لأن تحدثني عن المستقبل، وكيف أكون فيه".

وعلى الرغم من اتفاق كل المراقبين على أهمية دور الجمهور اليمني في منح منتخب بلاده جرعة حماسة عوضت كثيرا من الفوارق الفنية بينه وبين منتخبي البحرين ثم قطر في الدورة، وعلى الرغم من أن مدرب اليمن، التشيكي ميروسلاف سكوب قال "حققنا نقطتين لأننا نواجه منافسينا بـ12 لاعبا.. جمهورنا هو اللاعب الأهم.. قد يكون لدينا منتخب عادي، لكن الأكيد أن لدينا أفضل مشجعين"، إلا أن بلماضي رد حينما سئل عن تأثير وجود نحو 20 ألف يمني آزروا منتخبهم "لا، جمهور اليمن لم يؤثر علينا".

والغريب أن بلماضي نفسه كان قد سبق المباراة بالتأكيد على أن "الجماهير اليمنية تعطي دعما قويا للاعبيها".

وبدا أن غضب بلماضي يعود إلى فشله في تخطي عقبة اليمن الذي يعد أكثر منتخبات المجموعة الأولى تواضعاً، خصوصاً وأن الجزائري كان يمني النفس في تحقيق الكثير للعنابي الذي تولى تدريبه قبل 6 أشهر، حيث اعتبر "خليجي 22" محطة رئيسة في طريق إعداد منتخبه لظهور لائق في نهائيات أمم آسيا في يناير المقبل في أستراليا.

وكان بلماضي قد تخلف عن حضور المؤتمر الصحفي السابق لأولى مبارياته في الدورة أمام السعودية، فكان استثناء من بين كل مدربي المنتخبات الأخرى، وبرر غيابه يومئذ بـ"الزحام"، حيث قيل إنه غادر فندق كمبنسكي برج لافال حيث يقيم منتخبه متوجهاً إلى فندق هوليدي إن القصر حيث يقام المؤتمر إلا أن السائق أضاعه في "الزحام" فطلب العودة إلى فندقه.

وكان بلماضي تولى تدريب المنتخب القطري منذ مارس الماضي بعقد يمتد حتى العام 2018 حيث حل خلفا لفهد الزراع، وكان الهدف المعلن من التعاقد معه هو قيادة المنتخب إلى نهائيات كأس العالم المقبلة في روسيا 2018.

وقاد بلماضي قبل توليه مسؤولية المنتخب فريق لخويا للفوز بالدوري القطري عامي 2011 و2012.

وكان بلماضي بدأ مسيـرته الكروية في باريس سان جيرمان الفرنسي في يناير عام 1996، قبل الانتقال في موسم 1996 /1997 إلى مارتيجويس الفـرنسي، وبعد موسم واحد انتقـل إلى كان الفرنسي لموسم، ثم عـاد مرة ثانيـة موسم 1999 /2000 إلى مارسيليـا الفرنسي، قبـل أن يلعب معـارا لسلتا فيجو الإسباني في نفس الموسم.

وفي عام 2000 عاد إلى مارسيليا وسجل هدفا حيويا ضد تولـوز وأبقى مارسيليا خارج منطقة الهبوط. وبعد 3 سنوات مع مرسيليا انتقل بلماضي إلى مانشستر ستي الإنجليزي لكنه لم يكمل موسماً، فانضم إلى الاتحـاد القطري (الغرافة حالياً) موسـم 2003 /2004، ثم للهلال القـطري (الخريطيات) موسم 2004 /2005، وبعد موسمين في قطر عاد موسم 2005 /2006 إلى إنجلترا مجددا مع نادي ساوثامبتون، لكنه لم يمكث طويلا فعاد إلى فالنسيان الفرنسي.

وجه آخر

في مقابل غضب بلماضي من التعادل، بدا العراقي عدنان حمد بروح رياضية مدهشة على الرغم من الخسارة بثلاثية.

تقبل حمد كل الأسئلة التي طرحت عليه، وأعاد الخسارة إلى "عدم التركيز"، لكنه شدد على أن الأخطاء تحدث في كل منتخبات العالم، ورفض لوم لاعبيه، وقال "لا ألومهم، قدموا ما عليهم، والأخطاء واردة نتيجة قلة التركيز".

وحتى حينما أراد البعض استفزازه بالسؤال عما إذا كانت صرامته هي التي أدت لارتباك اللاعبين، قال "ليست صرامة.. هناك احترام متبادل بيني وبين اللاعبين، وهناك نظام لا بد منه".

وعرف حمد دوما بهدوئه وثقته مع كثير من الفرق والمنتخبات التي قادها مثل منتخبي العراق والأردن.

وحمد المولود في فبراير 1961 حاصل على البكالوريوس في التربية الرياضية، ولعب لفرق سامراء وصلاح الدين والزوراء ومنتخب شباب العراق، ثم المنتخب الأول وشاركه في خليجي 7 في مسقط 1984 وكأس العرب 1985 والدورة الرياضية العربية السادسة في المغرب 1985 وتصفيات دورة لوس أنجلوس الأولمبية 1984 والألعاب الأولمبية الصيفية 1984.

واتبع حمد عددا كبيرا من الدورات التدريبية ودرب ناشئي العراق في أول مهامه عام 1997، وتولى تدريب المنتخب الأول عام 2000، ومنتخب الشباب العراقي وأوصله إلى نهائيات كأس العالم.

وخلال 10 سنوات عمل فيها عدنان حمد مدربا للمنتخبات العراقية قاد العراق في 14 مناسبة، وخاض معها 81 مباراة، وسجل لاعبوه خلالها 167 هدفا واستقبلوا 102 هدف، وفازوا في 43 مباراة وخسروا 28 مباراة وتعادلوا في 10 مباريات. وحصل حمد على لقب أفضل مدرب في قارة آسيا عام 2005.