لم يكن أي متابع لكرة القدم السعودية، وتحديدا للفريق الكروي الأهلاوي ينتظر أن يسجل اللاعب سلمان المؤشر (26 عاما) نجاحا كبيرا مع فريقه الجديد، فالجميع يتذكر جيدا رغبة مدربه السويسري "كريستيان جروس" خلال فترة التحضير لدخول استحقاقات هذا الموسم، عندما أبدى للجهاز الإداري وبشكل مفاجيء عدم حاجته لخدمات اللاعب بجانب أسماء أخرى بهدف التركيز على عناصر محددة لتمثيل الفريق، قبل أن يبقيه لاحقا ضمن خياراته البديلة.

بداية كهذه كانت كفيلة بهز ثقة القادم من صفوف الوحدة في صفقة لم تكلف الأهلاويين الكثير، بيد أن المؤشر بفضل موهبته وإصراره على تقديم نفسه حتى وهو يشارك كبديل في بداية الأمر، صعد سلم النجومية تدريجيا، مجبرا السويسري في النهاية على تواجده عنصرا أساسيا، ومن قبله الكثير من المدربين والرياضيين على الإشادة بما يقدمه من حضور لافت كلاعب سريع ومهاري ويعد مصدر قلق للمدافعين، كثيرا ما أسهم في صناعة أهداف فريقه وبالطبع دون أن ينسى ترك بصمته الشخصية في شباك منافسيه في أكثر من مناسبة.

عقبات البداية

مر المؤشر "ابن مكة" والذي بدأ ركل الكرة في نادي حراء، خلال مشواره الاحترافي بعدد من العقبات تجلت في عدم الاهتمام من قبل مدربين لم ينصفوا نجوميته، وتحديدا خلال مواسمه في الهلال الذي استقطبه شابا عام 2005، قبل أن يعيده إلى مكة وهذه المرة إلى الوحدة بعدها بست سنوات، ورغم تألقه مع الأخير خلال مواسمه الثلاث التي أمضاها معه إلا أنه مع اقتراب انتهاء عقده فضل الانتقال إلى الأهلي بعقد يمتد إلى ثلاثة مواسم كفريق عريق قادر على إظهار موهبته الحقيقية، وهو ما حدث بعد أن منح الفرصة الكاملة وفرض نفسه من مباراة لأخرى، وشبهه الكثيرون بالنجم السابق فهد الغشيان، ليستدعى لصفوف المنتخب السعودي الأول في تشكيلته الأخيرة.


انضباطية تامة

هذا الحضور المتميز للمؤشر لم يكن وليد صدفة، بل تطلب انضباطية عالية لإقناع مدربه السويسري بأحقيته في التواجد في قائمته الأساسية التي تصارع على كل الجبهات هذا الموسم، وهو ما أكده مدير الفريق الأهلاوي باسم أبوداود، الذي أشار لـ"الوطن" أن "اللاعب لم يستعجل على الظهور وصبر كثيرا في بداية الموسم في دكة البدلاء واجتهد كثيرا في التدريبات حتى استطاع أن يقدم نفسه للمدرب كلاعب أساسي في صفوف الفريق"، مضيفا أن المؤشر "يتمتع بأخلاق عالية وانضباطية تامة داخل وخارج الملعب كان لها دور كبير أن يقنع مدربه قبل الجماهير الرياضية بموهبته المميزة بجانب بقية زملائه اللاعبين، وننتظر منه المزيد في المرحلة القادمة مع الأهلي والمنتخب".


ترمومتر الفريق

فنيا، اتفق محللون كثر على موهبة المؤشر وامتلاكه لخصائص قدمها بشكل جيد خلال تمثيله مع الأهلي، تحدث عنها المحاضر والمدرب الوطني بندر الأحمدي، الذي وصف اللاعب بأنه "يملك المهارة والرغبة العالية في تطوير مستواه لذلك نراه ينفذ تعليمات مدربه بإتقان وبالتالي يظهر بمستوى مميز"، مبينا أنه "يفضل اللعب في المساحات للاستفادة من سرعته العالية ويجيد اللعب الجماعي بالتمرير والتحرك في الفراغات لطلب الكرة ويتفوق في المواجهات الفردية للاعب ضد لاعب لما يملكه من مهارة عالية".

واعتبر الأحمدي أن حضور الموشر الرائع مع الأهلي في هذا الموسم، يعود لمنحه الثقة والمساحة من قبل مدربه السويسري جروس ليقدم ما لديه، حتى أصبح "ترمومتر" الفريق، مشددا على أنه "يلعب دورا كبيرا في التحضير للبناء الهجومي في وسط الأهلي، وينجح في صناعة اللعب ومتابعة الكرة الثانية للتسجيل ويؤدي أدواره الدفاعية باقتدار، بيد أنه يفتقد الجرأة في البحث عن المرمى من خلال التصويب من خارج الـ18 وكذلك المشاركة في الكرات الهوائية".


لاعب إيجابي

بدوره، أكد مدرب منتخب البراعم الوطني صالح المحمدي، أن المؤشر لديه إمكانات فردية عالية يستخدمها في توقيت مناسب لخدمة فريقه. ويمتاز بسرعة تساعده على تجاوز المنافس بأقصر الطرق، إضافة إلى امتلاكه حاسة التهديف ويتواجد دائما في الموقع المناسب. وقال: "المؤشر لاعب جماعي وإيجابي بشكل كبير ويسخر قدراته لمصلحة المجموعة، يتحرك على الطرف كما يقوم بدور دفاعي جيد لاسترجاع الكرة بالعودة مع الظهير بجانب الاقتراب من لاعبي الوسط لتضييق المساحات. وقادر على ترجيح كفة فريقه في أي لحظة لما يمتلكه من فكر وتركيز عاليين يساعدانه على إرباك منافسيه واستغلال أي هفوة أو ثغرة في أي لحظة".

وتطرق المحمدي للجانب السلوكي للاعب قائلا: "منضبط ولا يخرج عن النص الكروي، تحصله على بطاقات ملونة نادر جدا، أخلاق عالية تنم عن شخصيته وثقافته الكروية، باختصار هو لاعب متكامل ومكسب لأي مدرب".