بعد فشل مفاوضاته مع زعيم المعارضة إسحاق هيرتسوغ، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو التوصل إلى اتفاق مع حزب "إسرائيل بيتنا" الممثل الحزبي الرئيس لليهود الروس في إسرائيل، وتعيين زعيمه أفيغدور ليبرمان وزيرا للدفاع. وسيزيد الاتفاق الجديد عدد أعضاء كتلة الائتلاف الحاكم في الكنيست إلى 66 عضو كنيست. وسيعطي منصبا وزاريا آخر لحزب ليبرمان هو وزارة الاستيعاب والهجرة. ووافقت الحكومة الإسرائيلية على تخصيص ما يقارب من 1.4 مليار شيكل (363 مليون دولار) لتقديم استحقاقات تقاعدية لكبار السن في إسرائيل، بينهم المهاجرون من الاتحاد السوفياتي السابق.

وقد ولد ليبرمان في 1958 في كيشينيف في مولدافيا التي كانت ضمن الاتحاد السوفياتي السابق. وهاجر إلى إسرائيل عام 1978، وأقام في مستوطنة "نوكديم" في بيت لحم. وظهر في الساحة السياسية الإسرائيلية إبان حكومة الليكود عام 1996، حين شغل منصب المدير العام لمكتب رئيس الحكومة، آنذاك، بنيامين نتانياهو، بعد أن أمضى سنوات عدة في صفوف حزب الليكود. وقد عرف ليبرمان في تلك الفترة بأنه رجل المهمات القذرة، والشخصية الصراعية المثيرة للجدل والأزمات. وقد يعود اختياره لهذا المنصب إلى محاولة اجتذاب الجمهور الروسي الذي كان يعاني صعوبات في الاندماج في المجتمع ومؤسسات الدولة. واضطر ليبرمان إلى الاستقالة بعد سنة واحدة فقط، بسبب ملف جنائي يتعلق بالتهجم على طفل وضربه ضربا مبرحا!

وفي أعقاب خلاف بين رئيس حزب الليكود، بنيامين نتانياهو، ورئيس حزب "يسرائيل بعليا" بزعامة ناتان شارانسكي، أشار نتانياهو إلى مدير مكتبه السابق، أفيغدور ليبرمان، بتشكيل حزب روسي جديد موال لليكود. الذي عرف عنه أنه علماني ويدعو إلى فصل الدين عن الدولة واعتماد الزواج المدني، وإلى تغيير نظام الحكم في إسرائيل إلى نظام حكم رئاسي، لأنه، باعتقاده، يخفف من وطأة الرضوخ للضغوط في الاتفاقات الائتلافية، ويدعو إلى استقالة الوزراء من البرلمان، على غرار النظام القائم في النرويج.

ليبرمان هو من قال: "يجب أن نجد حكما للنواب العرب في الكنيست الذين يتعاونون مع العدو ويلتقون قادة حماس". ويرى ليبرمان أن هدف الصهيونية هو الحفاظ على دولة ذات قومية واحدة، هي اليهودية، وأن وجود أقلية أخرى كبيرة يتناقض مع هذا الهدف، ويناقض رؤيته في وجوب الحفاظ على الدولة اليهودية النقية. ويطالب ليبرمان فلسطينيي الداخل بإعلان الولاء إلى دولة إسرائيل وأداء الخدمة العسكرية، ويهدد من يرفض ذلك بترحيله إلى مناطق السلطة الفلسطينية. وليبرمان هو صاحب فكرة تبادل الأراضي مع الفلسطينيين، ونقل مدينة أم الفحم إلى سيطرة السلطة الفلسطينية مقابل ضم مستوطنات الضفة الغربية والقدس إلى إسرائيل.

تولى ليبرمان عدة مناصب حكومية، في حكومات أريئيل شارون وإيهود أولمرت، وبنيامين نتانياهو، إلا أن أبرزها حقيبة الخارجية، في حكومتي نتانياهو 2009- 2013 و2013 و2015. واضطر للانقطاع عن منصبه بعد انتخابات 2013، لعشرة أشهر، إلى حين انتهاء محاكمة الفساد التي واجهها.

وفي حملة انتخابات 2015، واجه حزبه قضية فساد ضخمة ومتشعبة تورط فيها العشرات من المسؤولين في مؤسسات ومراكز حكومية وجمعيات استيطانية، وكلهم على علاقة بحزبه، وأولهم من كانت المديرة العامة لحزبه، ونائبة وزير الداخلية فانيا كيرشنباوم، وهذا ما أفقده عددا من مقاعده في انتخابات 2015.

سبق لليبرمان أن أعلن خلال لقاء مع سفراء اتحاد الدول المستقلة في 2001 أنه في حال نشبت حرب بين مصر وإسرائيل، على إسرائيل أن تفجر السد العالي وتغرق مصر بمياه بحيرة ناصر والمناطق المحاذية لها. وعند تسلّمه مهام وزير الخارجية أعلمت مصر إسرائيل أن مندوبها لن يلتقي بليبرمان حتى يعود عن أقواله، ورغم ذلك التقى رئيس جهاز المخابرات المصري السابق عمر سليمان ليبرمان، ودعاه إلى زيارة مصر. ويعتقد ليبرمان أنه يجب إدخال تعديلات في "حقوق المواطنة" لدولة إسرائيل، وبحسب هذه التعديلات يُلزم كل مواطن في إسرائيل التوقيع على "إعلان وفاء" لدولة إسرائيل كدولة يهودية ديموقراطية ولمبادئها وقوانينها، ومن يرفض التوقيع يخسر حقوقه في الانتخاب والترَشُّح.

وكان الصحفي الإسرائيلي زئيف كام قد نشر عام 2014 خطة ليبرمان التفصيلية للسيطرة على رئاسة الحكومة الإسرائيلية بعد الانتخابات، أفادت بأن هناك تحالفا قويا بين وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، وبين موشيه كحلون، الذي يتنافس بشكل مستقل في الانتخابات ويعتبر مرشحا شعبيا و"نجما" في السياسة. في إطار التحالف، سيوحد الاثنان قواهما ومن خلال ذلك سيتمكن ليبرمان من أن يصبح رئيس الحكومة الإسرائيلي، لكن حزبا ليبرمان وكحلون نفيا قصة كام.

ورغم هذا النفي سادت في إسرائيل، لبعض الوقت، تكهنات تفيد بأن ليبرمان قد يكون رئيس الحكومة القادم لإسرائيل. وهي تكهنات قدد تتجدد في حال نجاح ليبرمان في مهام منصبه الجديد. فالشرط الرئيس لتولي منصب رئيس الحكومة في إسرائيل يتمثل في تحلي المرشح بدرجة عالية من العدوانية وكراهية الآخر الفلسطيني. وحال ليبرمان ليس كحال سلفه أريئيل شارون الذي أدانته لجنة كاهانا التي حققت في مجريات ما سمي عملية "سلامة مستوطنات الجليل" أي الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، وأوصت بحظر تسلم شارون أي منصب حكومي في المستقبل.