أصدرت مؤخرا وزارة العمل والتنمية الاجتماعية قرارا بسعودة 12 قطاعا، واستقبل الشارع هذا القرار بتباين بين مؤيد ومعارض، وهذه حالة طبيعية، فالكل ينظر من زاويته أو من مصلحته، ربما القرار ممتاز ويحمي مصلحة أبناء الوطن، وهذه ليست ممارسة غريبة في الدول الأخرى كذلك، لكن على وزارة العمل كذلك فهم أن الثقافة القانونية في قطاع الأعمال شيء مفقود على مستوى المؤسسات الصغيرة - وهو عامل مساعد مهم لقرارات السعودة- التي تدّعي دائما تضررها من قرارات وزارة العمل، كيف ذلك؟

كثير من أصحاب الأعمال الصغيرة يدعي أن قرارات الوزارة مجحفة، إذن منذ متى وهم راضون عن القرارات؟ لا شك أنه بسبب التشوهات القانونية لسوق العمل أصبحت هناك لوبيات واقتصاديات سوق سوداء غير ظاهرة للعلن، تعتاش على (فيز العمل)، وكذلك الطفيليين ممن يتسترون ويسلمون تجارتهم للأجانب مقابل مبلغ نقدي، وبعضهم موظف حكومي متستر من ناحية الزوجة، ومتستر من ناحية تسليم التجارة للأجانب. ولإيقاف هؤلاء نحتاج للتنظيم، وربما السماح للموظف الحكومي بالتجارة -مع التنبه لتعارض المصالح بين الجهة الحكومية والجهة الخاصة- وبهذا نلغي تستر الزوجات، وكذلك نسمح لمن يريد للأجنبي أن يدير عمله أن يديره لكن بضريبة عالية.

 أحد عوامل عدم رضا أصحاب المؤسسات الصغيرة يكمن في الشاب السعودي، حيث إنه قد يتركهم في أي لحظة لوظيفة حكومية، وهذه ثقافة محلية لا بد أن نعترف أولا أنها مشكلة لنعالجها، أحد الحلول الشرط الجزائي في العقود، لذلك أدعو أصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة إلى إحكام صياغة عقود عملهم للشباب السعودي والأجانب، ووضع شرط جزائي، نعم شرط جزائي، وهذا شرط لا يتعارض مع القوانين المرعية، وهدفه حماية صاحب العمل، فمثلا الشاب بعد توقيع العقد مع صاحب العمل أراد المغادرة بحجة وجود فرصة أفضل، إذن فلتدفع مبلغا ولنقل مثلا خمسة آلاف ريال نظير تركك للعمل وتعطيل مصالح صاحب العمل.

 لا يعلم الكثيرون في قطاع الأعمال الصغيرة تحديدا عن هذا الشرط، وأنه شرط جزائي واقعي جدا، ويستطيع صاحب العمل عند عدم انصياع الموظف السعودي أو الأجنبي أن يتقدم للجان القضائية العمالية بمطالبته، وبعد صدور حكم نهائي استنفد المدد النظامية للاعتراض، إما أن يدفع الموظف، أو يذهب صاحب المؤسسة الصغيرة لمحكمة التنفيذ والتي تُعد إجراءاتها سريعة بالنظر للإجراءات التي كانت تتم سابقا، بل يصل الأمر لأبعد من هذا الشرط، بإضافة شرط يسمى عدم المنافسة، وفيه تضع شرطا في عقد العمل تشترط فيه ألا يعمل موظفك بعد استقالته لدى منافسيك لينافسك، وألا يبوح بأسرار عملك للمنافسين، وطبعا مع مراعاة قانون العمل السعودي، وكذلك تحديد مدة زمنية ونطاق جغرافي محدد غير مفتوح لسنوات طويلة جدا بنطاق غير معقول، بالإضافة إلى هذا، يفترض بقطاع حيوي كهذا، أن تختبر الوزارة قراراتها، وتقارن ذلك بمؤشرات مثل البطالة ونمو الاقتصاد وحركة السوق، لتعلم مدى صحة قرارها، فتتراجع عن قرارها إن كان غير مناسبا أو تستمر فيه إن رأت إيجابيته.