عندما تأتي الإشادة من طرف منافس تكون أبلغ، وربما تكسوها الصراحة، لأنها بعيدة عن ثوب المجاملات، تلك المقدمة تجلت أمامي وأنا أستمع لكلمات حارس مرمى الوحدة الدولي المصري محمد عواد المعار من نادي الإسماعيلي، حيث تحدث بكل صراحة عقب مواجهة فريقه أمام الهلال في ختام الجولة التاسعة، وكسبها الأخير بثلاثة أهداف سجلها في الحصة الأولى، واكتفى لاعبوه في النصف الثاني للاستعراض واللعب بهدوء للحفاظ على المكتسبات. وألمح عواد في معرض حديثه قائلا (نلعب أمام فريق كبير على المستوى الفني، وحاسس الذي أمامنا فريق أوروبي وليس سعوديا)، عبارات عواد لم تأت من فراغ، وإنما انطلقت عطفا على النجومية التي فرضها لاعبو الهلال وقدرتهم للتعامل مع أجواء المباراة، حيث أخرجوا سيمفونية بسيناريو مختلف وبآلية فوز لم تعهد الجماهير رؤيتها وأنهى القصة من النص الأول.

المشهد لا يستطيع تقديمه سوى الكبار الذين يملكون إمكانات فنية عالية، عموما الفوز الهلالي التاسع الذي حطم الأرقام باعتبار أنه لم يسبق، وإن حدث من قبل بتحقيق تسعة انتصارات متتالية يبرهن على أن هلال خيسوس مختلف، وقادر على رسم الإبداع في كل الأحوال مهما علت أصوات المشككين في المكتسبات التي يحققها على أرض الواقع، بل إن رد الهلاليين البليغ في الميدان والإشادة من المنافسين وضعا المناوئين في زاوية ضيقة سيضطرون عنوة للاعتراف مهما كانت حججهم الواهية التي تدعو للشفقة، اللافت مع كل تفوق تتعالى نغمة من الإشاعات والإسقاطات في محاوله لتثبيط فورة البركان الأزرق الذي يتدفق أشكالا وألوانا، ويذكرنا بكلمات الشاعر المتيم المصري إبراهيم ناجي في قصيدته الخالدة (الأطلال) التي غنتها كوكب الشرق الراحلة أم كلثوم (واثق الخطوة يمشي ملكا)، وهذا رد نجوم الهلال في الميدان، وما أحلى الرد على المستطيل الأخضر الذي يطفئ الأصوات الناعقة في الخارجة ويبقى الجمال بالداخل، وازدانت الملحمة الرائعة بالحضور الجماهيري الكثيف في كل نزال، لتكتمل قصة الوفاء والعشق بين الفريق الذي أسعد محبيه والمتيمين بحب الهلال، وهذا سر التقارب الذي لم ينخدش مهما تقادمت السنون.