كانت الأمور عاصفة في تلك الأمسية داخل أوساط ماميلودي صنداونز، أحد أندية الصدارة في الدوري الجنوب إفريقي، لذا وصل ماثيو بوث قلب دفاع المنتخب الملقب باسم "بافانا بافانا" جنوب إفريقيا متأخرا بنحو الساعة عن موعد إجراء هذا الحديث.

قال اللاعب حليق الرأس وصاحب البشرة البيضاء بعد أن اصطحبنا في سيارته إلى حانة قريبة "لا أعتبر نفسي رمزا للاندماج".

ويتمتع المدافع (33 عاما) بشعبية واسعة في بلاده من مدينة كيب تاون حيث ولد, إلى جوهانسبرج حيث يلعب الآن، ويجهل القليلون فقط في جنوب إفريقيا صيحة التشجيع التي تضج بها الإستادات في كل مرة تصله فيها الكرة "بوووووووووووث".

وتسبب ذلك قبل عام خلال بطولة كأس القارات في حالة من عدم الفهم لدى المراقبين وهم يتابعون صيحة خاصة للاعب الوحيد الأبيض في الفريق.

ويتذكر اللاعب ذلك وهو يبتسم قائلا "كان من الصعب أن نوضح للصحفيين الأجانب أن ذلك ليس عنصرية، بل أسلوب للتشجيع... إنه شعور رائع أن تقوم الجماهير باختياري".

ويشعر بوث المتزوج من سونيا بونيفنتيا، وهي ملكة جمال سمراء سابقة، والأب لطفلين، بالالتزام تجاه التغير الذي تمر به بلاده، لكن بتواضع واستيعاب لحدود الدور الذي يقوم به.

ويؤكد "الرمز الوحيد للاندماج يأتي على المستوى الاقتصادي, في جنوب إفريقيا لا يزال هناك تفاوت كبير في القدرة الاقتصادية, فقط المال يمكنه أن يغير هذا الأمر, لا يمكن لأي نجم رياضي أن يكون رمزا أو يستطيع المساعدة في تحقيق الاندماج".

ويوضح أن ذلك الدور يضطلع به السياسيون, أما دوره فيتمثل في الحيلولة دون اهتزاز شباكه، وهي المهمة التي أوكل لها حياته, حيث بدأ اللعب في سن الخامسة، بتحفيز من والده وأشقائه, كما جرب الرجبي والكريكيت، اللعبتين اللتين اقترنتا في الماضي بالبيض، لكن شغفه كان بكرة القدم.

ويوضح "عندما يأتي الصحفيون الأجانب إلى جنوب إفريقيا ويتابعون دوري المحترفين والمنتخب الوطني، يعتقدون أن كرة القدم رياضة سوداء فقط, لكن على المستوى غير الاحترافي هي رياضة متعددة الأعراق فهناك عدد كبير من البيض"، مضيفا "لكن تأتي لحظة ما لا يواصلون معها على المستوى الاحترافي أو يفضلون الرجبي أو الكريكيت".

ويحلم بوث بنجاح مونديالي في أعوامه الأخيرة من اللعب. لكن هل تصل تلك الأحلام إلى الفوز بكأس العالم. يجيب "ولم لا؟ سيكون ذلك رائعا, كل شيء ممكن في كرة القدم, لا توجد فرق صغرى في الوقت الحالي"، مع اعترافه في الوقت نفسه بأن المرشحين "هما البرازيل وإسبانيا".

وهو يفضل عدم مقابلة الأرجنتين "في وقت مبكر" بقيادة ليونيل ميسي الرجل الذي يعدو بالكرة "كما لو كانت قدماه مبرمجتين"، رغم أن الفريق الذي يدربه دييجو مارادونا قد يكون منافس منتخب بلاده في دور الـ16 .

ويقول "لا أثق بالفرق التي عانت من أجل التأهل, فهي التي تتمكن فيما بعد من تقديم بطولة جيدة". ووقعت جنوب إفريقيا، التي تخشى أن تتحول إلى أول دولة منظمة للمونديال تودع البطولة من مرحلة المجموعات، في المجموعة الأولى التي تضم المكسيك وأوروجواي وفرنسا.

ويعترف بوث "إنها مجموعة صعبة جدا"، ويضيف "لكن لو تأهل فريق ما إلى المونديال فإنه لن يحظى بمجموعة سهلة".

ويقول اللاعب في كلمات تعكس فهمه الكبير لمهنته "هناك بعض المميزات في اللعب أمام المكسيك وأوروجواي... لدينا مدير فني برازيلي (كارلوس ألبرتو باريرا) وهو مدرب محنك ولابد أنه يعرف ما سنلاقيه أمام أوروجواي والمكسيك".

ويتابع "وبالطبع سيكون من الجيد أن تلوح لنا فرصة الثأر من فرنسا. فقد لعبنا أمامهم عام 1998 أول مباراة لنا في كأس العالم وخسرنا صفر /3. الآن أمامنا فرصة اللعب على ملعبنا". وفي 11 يونيو المقبل، ستنطلق أول بطولة لكأس العالم تقام على الملاعب الإفريقية بمباراة بين جنوب إفريقيا والمكسيك بمدينة جوهانسبرج، وهي المباراة التي يصفها بوث بأنها "مهمة للغاية"، حيث يدرك جيدا قوة المنافس, ويحذر "يمكنهم العدو لمدة 90 دقيقة لأنهم يلعبون كثيرا فوق مستوى سطح البحر"، مبرزا قوة لاعبي المنافس المخضرمين أمثال كواوتيموك بلانكو ورافا ماركيز. ذلك هو بوث, الرجل الودود الذي يتمتع برؤية واضحة ويمكن الثقة به. ورغما عنه، يبقى رمزا في قلب دفاع جنوب إفريقيا.