انقضى عام، ودخلنا آخر يحمل كثيرا من التوقعات والاستشرافات تبنى على أسس تظهر معالمها في صورة مكتسبات وإنجازات تتفادى صور الإخفاق الشاملة التي أصابت الرياضة العربية عموما وكرة القدم خصوصا، حيث كانت الخسارة أشمل من المكسب على مستوى الرياضة العربية، ربما باستثناء الإضاءة الأبرز المتمثلة بنيل قطر شرف استضافة مونديال 2022، وهي الإضاءة التي تعد أكبر المكاسب للرياضة العربية في العام الماضي.

وحولت قطر بهذا المكتسب أحلام عشاق الكرة العربية إلى حقيقة بفضل الله أولا ثم بفضل الاحترافية الدقيقة والعمل المنظم المذهل والجهود الجبارة، فاستطاع الملف القطري القوي جدا بشهادات خبراء دوليين التفوق على دول متقدمة جدا في مجالات كثيرة أحدها الرياضة مثل الولايات المتحدة وأستراليا وكوريا الجنوبية واليابان، ما أسعد ملايين العرب والمسلمين في كل مكان بهذا الإنجاز المفرح.


الجزائر سفير مونديالي

عاد المنتخب الجزائري لكرة القدم مجددا لمنافسات كأس العالم بمشاركته في نهائيات كأس العالم في جنوب أفريقيا ممثلا وحيدا للكرة العربية، وذلك بعد غيبة طويلة عن هذا المحفل الكبير، غير أن هذا الحضور للأسف لم يكن على مستوى التطلعات المنتظرة من منتخب عودنا جميعا على الظهور بالمظهر المميز، فقد حضر وخرج دون الحصول على نقطة أو هدف.


الوحدة في بطولة العالم

حظي فريق الوحدة الإماراتي بشرف تمثيل الأندية الخليجية والعربية في مونديال أندية العالم في نسخته الجديدة الثانية في العاصمة الإماراتية أبوظبي، وقد حاول أن يتجاوز ما سبق وقدمه نظيره مواطنه الأهلي الذي خسر ولم يقدم أي مستوى يذكر، إلا أن الوحدة قدم مستوى طيبا وتمكن من تحقيق فوز افتتاحي، لكنه خرج بعد ذلك أمام سيونجنام الكوري الجنوبي بفعل أخطاء بدائية من لاعبيه.


حضور نسائي عربي عالمي

حققت الرياضة العربية مكتسبا عالميا بإعادة انتخاب الفارسة العربية الأميرة هيا بنت الحسين رئيسا للاتحاد الدولي للفروسية بالتزكية، عطفا على الإضافات التي ساهمت في تحقيقها لمنافسات الفروسية العالمية خلال رئاستها الأولى.

ويعد هذا المنصب أعلى منصب تحققه المرأة العربية على المستوى الرياضي حتى الآن.


ابن همام (سيد القارة)

استأثر العربي القطري محمد بن همام بأعلى منصب كروي في القارة الأكثر تعدادا سكانيا، حيث تمت إعادة رئاسته للاتحاد الآسيوي لكرة القدم لدورة مقبلة اعتبرها الأخيرة له في هذا المنصب، داعيا الاتحاد الدولي لكرة القدم السير على خطاه للبقاء في سدة هذه المناصب لثلاث مرات فقط، وتأتي هذه الهيمنة من ابن همام على مقدرات الاتحاد القاري ومن دون وجود مرشح واحد يتقدم منافسا له، عائدا إلى تلك القفزات الهائلة التي أحدثها في كافة جوانب اللعبة في القارة، إضافة إلى مده جسور علاقات قوية مع اتحادات وهيئات رياضية دولية أكسبت الاتحاد الآسيوي احتراما وتقديرا.


ثالوثية حسن شحاتة

وفي العام الماضي حققت الكرة المصرية إنجازا غير مسبوق بالحصول على بطولة أمم أفريقيا للمرة الثالثة على التوالي بقيادة أهم مدرب في تاريخ الكرة المصرية حسن شحاتة الذي قاد الأحمر إلى انتصارات مذهلة لم ينقصها سوى الصعود إلى نهائيات كأس العالم لكرة القدم التي كانت ممكنة لولا الاحتقانات التي زرعت في علاقة المصريين بالجزائريين.


رعاية عالمية

أبرمت مؤسسة قطر للاستثمارات والدراسات الرياضية والتربوية عقدا مع أفضل فريق كروي في العالم (برشلونة) يمتد خمس سنوات بدءا من الموسم المقبل بقيمة خرافية هي الأكبر في تاريخ الرعاية في كرة القدم العالمية حيث بلغ (165) مليون يورو.




مظاهر الإخفاق

وعلى الرغم من المكتسبات الرياضية الفارطة التي تعد على أصابع اليد الواحدة، كانت انكسارات الرياضة العربية كبيرة ومتنوعة، ويمكن القول إن هذه الانكسارات والإخفاقات كانت سمة كرة القدم العربية والنجاح كان حالة استثناء.

فيمكن استثناء فوز مصر ببطولة أمم أفريقيا 2010 بأنغولا، وإحراز الفتح الرباطي المغربي كأس الاتحاد الأفريقي، وفوز الاتحاد السوري بكأس الاتحاد الآسيوي على حساب نظيره القادسية الكويتي، فيما تبقى باقي النتائج دون مستوى التطلعات بكل موضوعية.

على الصعيد القاري خرجت تونس من الدور الأول لأمم أفريقيا 2010 كما احتلت الجزائر المركز الرابع بعد الهزيمة في نصف النهائي أمام الفائز باللقب منتخب مصر والهزيمة في لقاء الترتيب أمام نيجيريا.

ولم يكن الوضع أحسن في آسيا، فلم تستطع المنتخبات العربية الآسيوية الوصول إلى مونديال جنوب أفريقيا مما يعد فشلا ذريعا للكرة العربية في هذه القارة.

كذلك الحال بالنسبة لمشاركة الرياضيين العرب في دورة غوانزوا 2010، إذ كانت محصلتهم من الميداليات مخجلة، وكذلك الحال في البطولة الوحيدة للكبار والخاصة بكرة الصالات التي نظمت في أوزبكستان وفيها فشلت المنتخبات العربية في ترك بصمتها، فخرج المنتخبان الكويتي والعراقي من الدور الأول واللبناني من الدور الثاني.

وأبرز نقاط إخفاق كرة القدم العربية فيما يتصل بالفئات الصغرى التي يعوّل عليها، خروج كل المنتخبات العربية خالية الوفاض هذه السنة باستثناء تأهل المنتخب السعودي للشباب لبطولة العالم بعد لعبه نصف نهائي كأس آسيا.

ففي الناشئين فشلت المنتخبات العربية المشاركة في كأس آسيا في أوزبكستان في التأهل لنصف النهائي رغم تأهل أربعة فرق لربع النهائي، وهي الإمارات والعراق والأردن وسورية، بينما غادرت عمان والكويت من الدور الأول.

ولم يكن الوضع بأفريقيا أحسن حالا، فكل المنتخبات العربية خرجت بوجه سيىء في الأدوار المتقدمة ولم يتبق في الدور الأخير سوى منتخب مصر وكذلك تونس.

وشهدت كأس أمم آسيا للشباب بالصين خروج المنتخبات العربية خالية الوفاض باستثناء المنتخب السعودي الذي لعب نصف النهائي ووصل كأس العالم، بينما غادرت الإمارات من ربع النهائي والأردن وسورية واليمن والبحرين والعراق من الدور الأول.

ولم يكن حال عرب أفريقيا أحسن، حيث خرج المغرب وتونس والجزائر والسودان وموريتانيا من الإقصائيات ووحدهما مصر وليبيا سيكونان حاضرين في النهائيات التي تستضيفها ليبيا السنة المقبلة.

وسجل المنتخب الإماراتي الأولمبي الشقيق حضورا مشرفا في الألعاب الآسيوية في الصين بحصوله على الميدالية الفضية، لكن باقي المشاركات العربية لم ترق للمستوى المطلوب، فخرجت الأردن والبحرين وفلسطين من الدور الأول وغادرت قطر من دور الـ16 وعمان من ربع النهائي.


الفشل على مستوى الأندية

رغم التألق العربي على صعيد كأسي الاتحاد الآسيوي والأفريقي، حيث كان النهائيان عربيين، لكن فشلت الأندية العربية في خطف أبرز كؤوس القارتين دوري أبطال أفريقيا ودوري أبطال آسيا.

ففي أفريقيا لم يحقق العرب شيئا يذكر، سوى المشاكل والمناكفات بين تونس ومصر بعد نصف النهائي بين الأهلي والترجي، بينما ذهب اللقب لمازيمبي الكونغولي، فيما فشل الأهلي المصري وشبيبة القبائل الجزائري والترجي التونسي في خطف اللقب على الرغم من تواجدهم في نصف النهائي.

وغابت الأندية المغربية والسودانية والليبية عن دور المجموعات، بينما فشل وفاق سطيف الجزائري في تخطي نصف النهائي وترك مكانه لمصلحة حامل اللقب مازيمبي.

ولم يكن الوضع أحسن في القارة الصفراء، حيث توقفت مسيرة الشباب والهلال السعوديين في نصف النهائي بعدما أخفقا في تجاوز الفائز باللقب الكوري الجنوبي سيونجنام وذوب هان أصفهان الإيراني، بينما خرج الغرافة القطري من ربع النهائي وفرق الإمارات الأربعة الجزيرة والعين والوحدة والأهلي، وكذلك الأهلي والاتحاد السعوديان والسد القطري من دور المجموعات.

الإخفاقات شبه الشاملة في الرياضة العربية عامة وكرة القدم خاصة تطرح علامات استفهام كثيرة في ظل الدعم الكبير الذي تحظى به الرياضة الشعبية من كل الحكومات تقريبا، ويبقى فوز قطر بتنظيم مونديال 2022 فرصة أمام العرب للبحث عن تطوير مستوى الدوريات العربية والتواجد المكثف والوازن على الصعيد العالمي.