يعلل كثير من المثقفات عدم دعم المرأة للمرأة ـ وخصوصاً عندما تعتلي منصباً قيادياً ـ بعقدة إليكترا، وهي العقدة المؤنثة من عقدة أوديب، ونسبت لإلكترا لأنها في الأسطورة اليونانية قتلت أمها ثأراً لأبيها، ورفضت أي تفاوض بخصوص المصالحة مع أمها، تلك القسوة في التعامل التي تميزت بها إليكترا تجاه والدتها يسقطها بعض علماء النفس على المرأة عندما تتولى منصباً قيادياً، فيزعمون أن على النساء ألا يأملن كثيراً من المرأة التي تقودهن بعكس الرجل عطفاً على عقدة أوديب، حيث يتفهم الرجل حاجات المرأة التي تصله ويساعدها بقدر رجولته ورحمته وكرمه، في الوقت الذي تتناسى فيه المرأة القائدة كل ذلك وتقدم القانون على روحه في تعاملها مع مرؤوساتها, السؤال هنا: هل ينطبق ذلك على حال الموظفات الحكوميات وحال القيادات النسائية في بلادنا اللواتي وصل بعضهن لمنصب نائبة وزير ووكيلة وزارة ومديرة عامة ومستشارة في مجلس الشورى وقريباً عضوة فيه؟

إجابة هذا السؤال تجرنا إلى طرح سؤال أعمق وهو: ماذا قدمت هؤلاء النساء منذ توليهن لمناصبهن؟

فبمراجعة سريعة لتصريحاتهن نجدها تدور حول أمور مثل: الرياضة النسائية واليوم الدراسي الكامل، ودمج البنين والبنات في الصفوف الأولية، وهل سيجلسن مع الرجال في قاعة واحدة في مجلس الشورى أو عبر الشبكة التلفزيونية؟ ولا أدري هل ذلك لأن الإعلام لا ينشر إلا "الفرقعات الصحفية"، أم أن تلك اهتماماتهن؟

في الحقيقة، إنها مواضيع لا تشغل كثيراً من الموظفات الأمهات، مما يدفعهن للتساؤل: أين تأثير تجربتهن كموظفات وأمهات على عملهن الحالي؟ هل مازلن يذكرن أن إجازة الأمومة في المملكة هي ستون يوماً فقط؟ لذلك تعتبر الأقل في العالم، حيث تضطر الموظفة في المملكة لترك طفلها بعد ستين يوماً فقط من ولادته للخادمة والخروج للعمل.

إن ذلك يحمل مناقضة حقيقية لاتفاقية منظمة العمل الدولية التي تمنح الأم 14 أسبوعاً، كما تمنحها بعد ذلك ساعات رضاعة، بل إن الدول الأوروبية تمنح نساءها العاملات 26 أسبوعاً لرعاية أطفالهن، لأنهم يؤمنون أن هذا الطفل الذي تضطر أمه لتركه في البيت هو مواطن يجب أن يحظى بما يمكّنه من أن يكون مخلوقاً سوياً، وهو ما لا يتحقق بإبعاده عن أمه بعد 60 يوماً، ناهيك عن أنها لا تحصل على ساعة الرضاعة، ولك أن تتصور وضعها كأم جديدة يظل الحليب في صدرها ثماني ساعات، مما يدفع كثيراً من الموظفات لترك الرضاعة الطبيعية وتعويد الطفل على الحليب الصناعي المعروفة أضراره، وفقْد الرضاعة الطبيعية المعروفة منافعها.

كما أن الموظفات لا يجدن حضانات تساعدهن في رعاية هؤلاء الصغار مدعومة من المؤسسات التي يعملن بها عكس كل نساء العالم.

وأيضاً هي لا تمنح سوى ساعتي استئذان في اليوم، أي أنه لو كان هناك حفل في مدرسة ابنتها لن تتمكن من حضوره، مما يفقدها كأم مشاركة طفلتها لحظات مميزة من حياتها كطالبة.

إن هناك الكثير من القرارات التي تحتاجها الأم الموظفة وتتطلع أن تتبناها القيادات النسائية، والتي يمكنها تحديدها عبر الرجوع بذاكرتها سنوات قليلة إلى الوراء عندما كانت أماً موظفة.