معلم توماس أديسون كان يناديه بالغبي، وطرد من عمله بذريعة افتقاره إلى المخيلة الإبداعية، قبل أن يخترع المصباح ويمدنا بالضوء. لا يمكن لأحد أن يطفئ أحلامنا سوانا. فلو استسلم أديسون للكلمات المثبطة، التي اعترضت طريقه لما أضاء هذا العالم، لما أهدانا نحو ألف اختراع. لم تُظلم أميركا منذ أن أبصرت النور إلا عند وفاته يوم 18 أكتوبر1931، حينما تم إطفاء كل مصابيحها تكريما وتقديرا وامتنانا لما قام به تجاه البشرية.

تعرض جو شوستر هو الآخر لانتقادات لاذعة في بداية مشواره. تقدم لأكثر من مجلة للعمل رساما دون جدوى. كان ينتقل من خيبة إلى أخرى. أوصدت الوظائف والأبواب أمامه. اختتم رئيس تحرير إحدى المجلات مقابلة وظيفية معه قائلا: "لو كنت مكانك لاتجهت لأي مهنة سوى الرسم. أنت لا تملك الموهبة أبدا". من قيل له إنه لا يملك موهبة صنع لاحقا شخصية (سوبرمان) الكارتونية. ألهم ملايين الرسامين في أنحاء العالم. نال مئات الجوائز بفضل إسهاماته في مجال الرسومات الكارتونية. أنشئت أقسام فنية في جامعات وكليات ومعاهد باسمه. كتبت عنه عشرات الكتب والمقالات.

إن الكلمات كالسلالم تقودنا إلى الأعلى أو إلى الأسفل. لكن نحن من يحدد الخيار. لقد اختار شوستر أن يتسلق الكلمات المحبطة ويصعد بواسطتها إلى القمة متوجا بموهبته ورباطة جأشه. تحول شوستر من رسام مغمور إلى محط إعجاب الآلاف حول العالم.

كان لاعب كرة المضرب، ستان سميث، أيضا، محل تهكم مدربه وزملائه عندما بدأ اللعب. قال له زميله: "يدك لا تصلح للعب، بل للزينة. هل شاهدتها وأنت تسدد الكرة؟ إنها مضحكة". لكن سميث لم يعبأ بتهكم زميله. استمر في التدرب واللعب حتى أحزر بطولتي جراند سلام: (ويمبلدون 1972، أميركا المفتوحة 1971)، بالإضافة إلى عشرات الألقاب الأخرى. وبعد الانتصارات المتعددة التي حققها ستان صارت يده رمزا للقوة والإلهام بعد أن كانت وقودا للتندر والسخرية. لم يكتف ستان بنجاحاته كلاعب. أضاف إليها الكثير من النجاحات كمدرب، فحظي بتقدير واسع على مستوى العالم بفضل النجاحات الغفيرة التي انتزعها.

أديسون وشوستر وستان وغيرهم انتقموا من لكمات الكلمات بالعمل الدؤوب والاستمرار في المحاولة فحصدوا الفوز. إن النجاح أبلغ رد على من يشكك في مواهبنا، سيسعدنا وسيؤلم من وقف في وجه أحلامنا، إن زر الأحلام يعمل تلقائيا في داخلنا منذ أن نولد. لكن بعضنا يطفئه إثر كلمة سمعها أو نصيحة تلقاها. يجب ألا تغفو أحلامنا. إذا غفت تثاءبنا وغطت آمالنا في سبات عميق.

يتعرض معظمنا إلى كلمات قاسية في المدارس والجامعات والإنترنت وحتى في الشارع، لكن أوفرنا حظا من لا يدعها تعترض طريقه، بل تدفعه إلى المزيد من المثابرة والكفاح. لا توجد رحلات مباشرة إلى أحلامنا. نضطر إلى التوقف والتأمل قليلا قبل استئناف الرحلة. ليس هناك طريق مستقيم للنجاح. الطريق إلى النجاح مليء بالمنعطفات والعراقيل. والأهم هو الوصول إليه مهما تكبدنا من صعوبات وواجهنا من كلمات.

لم يصل الكثير من الناجحين إلى مبتغاهم إلا بعد أن تذوقوا مرارة الألم والتهكم. الفرق بين الناجح وغيره هو أن الناجح واصل مسيرته وتحامل على آلامه وقطف ثمار صبره، في المقابل، استسلم غيره لليأس والإحباط. إن الأشياء الثمينة مدفونة. تحتاج إلى الكثير من الاستكشاف والبحث والشقاء لنصل إليها كالذهب واللؤلؤ والنفط.

إن التهكم على أحلامنا وآمالنا يمدنا بطاقة تدفعنا لتقديم أفضل ما نملك. يمنحنا ذخيرة تجعلنا نركض نحو أحلامنا بسرعة قياسية لا يملكها أسرع عداء.